Drawer trigger

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) دراسة تحليلية

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) دراسة تحليلية

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) دراسة تحليلية

رقم الطبع :

الأولى

(1 الأصوات)

QRCode

(1 الأصوات)

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) دراسة تحليلية

مقدِّمة المركز الحمدُ لله ربِّ العالمين ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. وبعد.. في رحاب النبي العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) نعيش أروع معالم الكمال البشري ، وأسمى آيات العظمة الإنسانية ، ونتابع سلسلة من المواقف التي تحمل في ذاتها كل مبررات البقاء والخلود ، معالم طريق ، ومنارات هدى ، وبيّنات مجد لا يضاهى. ذلك إذا ما وقفنا عند تلك المعالم وهذه المنارات والبيّنات كما ينبغي ، مرسلين النظر في أطرافها ، باعثين سفراء العقول والضمائر بين ثناياها وفي أعماقها , وقفة الدارس المتأمل ، والناظر المستلهم ، وهذا عين ما أردناه من هذه السلسلة الخاصة في دراسة سير المعصومين (عليهم السلام). ولعل أول ما نلمحه من نظرة كلية الى سيرهم الغنية بالعطاء هو أنّ كل واحدٍ منهم (عليهم السلام) قد تميّز بواحدةٍ من الخصال أو أكثر ، صبغت أيامه ، وربّما تراثه أيضاً بصبغتها المميزة ، مع ما نلاحظه من خطوط التلاقي الوفيرة ، والتكامل التاريخي المتجسّد في سيرة واحدة تمتد قرنين ونصف القرن ، منذ فجر الرسالة وحتى غياب المعصوم الرابع عشر. فإذا كان لون الشهادة هو الغالب على سيرة الحسين (عليه السلام) ونهضة الدين العارمة المتنقلة بين السجون مع موسى الكاظم (عليه السلام) وظاهرة الإمامة المبكرة مع الجواد والهادي والمهدي (عليهم السلام) ، فثمة حلقات تاريخية شاخصة المعالم تجمع سير العظماء الخمسة مع من سبقهم ، ومن هو بينهم من هداة البشر (عليهم السلام) . وفي حياة خامس الأئمة ، زين العابدين (عليه السلام) ، سنرى ظاهرة جديدة ، ربّما في تاريخ عظماء البشر على الإطلاق ، ظاهرة السبك الحكمي الدقيق لكل مبادئ الإسلام من أركان وتعاليم ، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومفاتح التغيير الاِجتماعي ، ومفاتح الثورة على الظالمين ، ومبادئ حقوق الإنسان ، سبكها كلها في لغة الدعاء والابتهال المقروء والمحمول ، بعد أن كانت من أخطر الممنوعات في عصره ؛ لو اتخذت لونها المباشر.هي المحور الثابت في حياته وسيرته (عليه السلام) . وكم هو مناسب أن نلمح بعض وجوه الشبه بين ظروف حياته الخاصة وبين بعض خصائص جده أمير المؤمنين عليٍّ (عليه السلام) ؛ فقد عاش عليٌّ (عليه السلام) ما يزيد بقليل على ربع القرن في كنف المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحبته ، وأقل بقليل من هذا عاش عليٌّ الثاني زين العابدين مع عمّه الحسن وأبيه الحسين سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .. وابتدأ عليٌّ الأول محنته بغياب حبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وابتدأ عليٌّ الثاني محنته بغياب أبيه سيد الشهداء سبط المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) . وعاش عليٌّ الأول جلالة الصبر وذروة حكمة العظماء , وهو يرى من هم دونه يتناوبون الخلافة ، ومثل هذا عاشه عليٌّ الثاني منذ رحيل والده الشهيد. وترك عليٌّ الأول أعظم دروس الحكمة والمقاطع الشاهدة على التاريخ في أروع بيان ، جُمع بعضه في (نهج البلاغة) ، كما ترك عليٌّ الثاني حكمته ودروسه الشاهدة على التاريخ في (صحيفته السجادية) المنسوجة في أروع بيان. وفي هذا كله ، وبينه ، مشاهد حيّة ، وعطاءات خالدة ، ومواقف فذّة ، حريَّة بجهد جاد في الدراسة والتحليل. ولقد وقف إصدارنا هذا وقفة موفقة مع كثير من تلك الحلقات والمشاهد ، في دراسة جادّة , نرجو أنّها قد قدمت ما هو جديد ومفيد في التعرف على سيرة هذا الرجل العظيم. والله من وراء القصد. وهو الهادي إلى سواء السبيل.