Drawer trigger

محاضرات حول الإمام المهدي عليه السلام (الجزء الثاني)

محاضرات حول الإمام المهدي عليه السلام (الجزء الثاني)

محاضرات حول الإمام المهدي عليه السلام (الجزء الثاني)

(0 الأصوات)

QRCode

(0 الأصوات)

محاضرات حول الإمام المهدي عليه السلام (الجزء الثاني)

مقدّمة المركز الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وخاتم رسله وعلى آله الطيبين الطاهرين... أمّا بعد: شاءت القدرة الإلهيّة أن تضع بأزاء كل حقّ باطلاً يتناسب معه بالقوّة والاستطالة ويوازيه من حيث الاتجاه والمسيرة التأريخية، فكان ذلك من القوانين والسنن الثابتة التي ابتنت عليها أسس الخليقة منذ نشأتها الأولى، والتي رسمت للدنيا إطارها الذي لا تملك أن تخرج عن حدوده. وهذا هو ذات الأمر الذي أشارت إليه الآية المباركة في قوله تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)، إذ أنّ التتبّع الواعي لكل مسيرة أو حركة تنتسب إلى الحق في منهجيتها يبرهن لنا أنّ مسيرة الباطل وحركته لم تتخلّ يوماً عن ملازمة حركات الإصلاح والتحرّر والسير الحثيث بموازاتها، منذ اليوم الأوّل الذي وقف فيه أبونا آدم ليعبد الله الواحد القهّار، ومروراً بما يحدّثنا التأريخ عن قابيل وهابيل والأنبياء والمصلحين، وإلى يومنا الذي نعيشه. ولعلّ من أوضح الأفكار والرؤى التي تنتسب إلى الحق ونهجه القويم، بل وينتسب الحق إليها، هي الفكرة العقائدية الربّانية المقدّسة التي زرعتها الشرائع السماوية المتعاقبة في حقل الذهن البشري من خلال المسيرة التكاملية للأنبياء والرسل والأوصياء، وهي فكرة المنقذ الذي سيمدّ يده التي باركتها قدرة السماء لتنتشل البشرية من الأودية السحيقة للظلم والجور إلى مرابع القسط والعدل الإلهي، والتي ستحقق الأحلام والآمال التي بذل الأنبياء والمصلحون دماءهم زهيدة في سبيل تحقيقها، ساعين بذلك لجذب الدنيا من بؤر الظلم والفساد والعبودية إلى آفاق الحرية والعيش الرغيد. فخضعت هذه العقيدة المقدّسة لهذه القوانين الثابتة وتعرضت لشتى أنواع المحاربة على مر العصور، فكانت هذه المحاربة متناسبة مع عظم الأهمية والسمو والرفعة التي أولتها السماء لها. وبما أنّ أهميّة الدفاع عن هذه العقيدة تنبع من طرفين أوّلهما مقدار عظمة هذه الفكرة من حيث ارتباطها بمبدأ العقيدة الإسلامية التي عبّر عنها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في قوله: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)، وثانيهما مقدار ما يبذله الأعداء من جهود لم يعرف لها  مثيل من تسخير كافة الطاقات لإظهارها على أنها العامل الخرافي الذي يتشبث به أناس ناموا على أمل أن يجدوا العالم ذات يوم يحقق لهم آمالهم وأحلامهم التي كبتها ظلم الظالمين مدة مديدة من الزمن العسير... ...