Drawer trigger

خـلافة الرسول بين الشورى والنص

خـلافة الرسول بين الشورى والنص

خـلافة الرسول بين الشورى والنص

(0 الأصوات)

QRCode

(0 الأصوات)

خـلافة الرسول بين الشورى والنص

مقدمة المركز الحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف مبعوث للعالمين، نبينا محمد المصطفى وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، ومن أخلص لهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين . وبعد : فقد أصبح من البداهة والضرورة بمكان أنّ أيّ قائدٍ من القوّاد ـ المخلصين لمبادئهم وشعوبهم ـ لا يعقل أن يترك أُمّته وأتباعه من بعده هملاً وبلا راع... ولذا نراهم ـ دائماً ـ يفكّرون في من يخلفهم عند غيابهم ـ حتى في المدة القصيرة ـ ليقوم بالوظائف والمهام اللازمة . وإذا كان ترك الاَُمّة سدىً من سائر القادة مستحيلاً ، كان ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستحيلاً بالاَولوية القطعية ، فإنّه سيد العقلاء وأشرف المخلوقين من الاَولين والآخرين ، وشريعته أفضل الشرائع ، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم . إذن ، لابدّ من خليفةٍ له يخلفه في أُمّته ، ولابدّ أيضاً من أن يكون هو ـ قبل غيره ـ المهتمّ بهذا الاَمر . لاشك وأن الاَُمّة يوم فقدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت تتذكّر ما رأته وما سمعته من خلال أيام رسالته في هذا المجال ، لا سيّما أيامه الاَخيرة حيثُ أوصى بأشياء ، فإنّهم كانوا يحفظون وصاياه تلك ـ في الاَقل لقرب العهد بها ـ وهي الوصايا التي ما زالت الاَُمّة تحتفظ بها حتى يومنا هذا . فهل كان الذي سمعوه منه وحفظوه هو (النص) على واحدٍ معيّنٍ من بعده ، أو ترك الاَمر إلى الاَُمّة نفسها لتختار له خلفاً يقوم بوظائفه وشؤونه ؟ وعلى الجملة ، فهل الاَساس في الاِمامة والخلافة ـ على ضوء الكتاب والسُنّة ـ هو (النص) أو (الشورى) ؟ ولكنا إذا ما عدنا إلى خلفيات الواقع التاريخي لمسألة الخلافة في الاِسلام ، ودرسناها بحياد تام ؛ لوجدناها قد حسمت بعيداً عن كلا الامرين وذلك باجراء سريع عاجل على أثر مبادرة جماعة من الانصار مع نفر قليل من المهاجرين إلى اجتماع السقيفة في وقت انشغال المسلمين وعلى رأسهم أهل البيت عليهم السلام وبنو هاشم كلهم بتجهيز النبي الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، والقاء النظرة الاَخيرة على الجسد المطهر العظيم ومن ثم مواراته الثرى في موكب حزين . ومع قلّة المجتمعين في السقيفة فان مادار بينهم لم يسفر عن رضا الجميع ولا عن اتفاقهم أو تشاورهم ، بل تطاير الشرُّ فيها ، وكانت بيعتهم ـ كما قال عمر ـ (فلتة وقى الله شرّها) . وهذا يعني ان الشورى لم تتحقق بين أصحاب السقيفة أنفسهم فضلاً عمن غاب عنها ورفضها كأهل البيت عليهم السلام ، وأصحابهم ، وبني هاشم كلهم ، والامويين أيضاً كما يدلّ عليه موقف عميدهم ، فهذا هو الواقع التاريخي الذي ساد بعد اجتماع السقيفة . ولاَجل صيانته ، والحفاظ على كرامة السلف الماضين حاولت طائفة التنظير لمسألة الخلافة من خلال ذلك الواقع فتشبثت بالشورى ، لكن لما اصطدمت بالواقع التاريخي الذي أشرنا إليه ، عادت إلى النص... وحينئذٍ يأتي البحث عن من هو (المنصوص عليه) من قبل الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ؟ وهذا الكتاب الذي نقدمه باعتزاز إلى القراء قد أُجريت فيه موازنة دقيقة، وحوار علمي بين منطق أصحاب (الشورى) وبين منطق أصحاب (النص والتعيين) ، مع ايراد أقوى ما يمتلكه الطرفان من الاَدلة ومناقشتها بحياد وموضوعية ، مع بيان أي من المنطقين هو المتماسك وأيُّهما المتهافت . نترك للقارئ والباحث حريّة اختيار ما توصل إليه البحث من نتائج في ضوء استخدام المصادر المعتبرة ، مع أصالة المنهج المتبع ، وقوة التحليل . والله الهادي إلى سواء السبيل مركز الرسالة