الإمام زين العابدين (ع) وارث علم رسول الله (ص)

أضغط هنا لقراءة المقال على موقع جريدة الوطن هو سيد الساجدين وقبلة العارفين، وقدوة الموحدين، وزين العابدين، مولانا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وهو الامام الرابع من اهل البيت (ع) بعد ابيه الحسين (ع)، كان الامام زين العابدين (ع) اشبه الناس بجدّه علي بن ابي طالب (ع)، في قوته وشجاعته، وصبره وتجلده، وتعبده وتقواه، وعلمه ومعرفته أمور تذكر بجده (ع). وقد تحمل اقصى ما يتصور من الالم والمصائب والمحن في سبيل المبدأ والعقيدة دفاعا عن الاسلام والقرآن، اذ استقبل في بداية حياته الشريفة محنة جده امير المؤمنين الامام علي (ع) وشاهد مصرعه في محرابه ومحنة عمه الحسن الزكي (ع) وكبده المقطعة بالسم تخرج من فمه وايام ابيه الحسين (ع) حدث ولا حرج، وما شاهده (ع) في تلك الفاجعة، ثم ظل اربعين سنة يبكي اباه، حتى عد خامس البكائين. قال الصادق (ع): ان زين العابدين (ع) بكى على ابيه اربعين سنة صائما نهاره وقائما ليله فإذا حضر الافطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول: كل يا مولاي، فيقول: قتل ابن رسول الله (ص) جائعا قتل ابن رسول الله (ص) عطشان. واما بحار علمه (ع) فعميقة بلا قرار، فقد كان الامام زين العابدين (ع) عالما فقيها، ذا اطلاع واسع على امور الدين وعلوم القرآن الكريم، وقد بدأ الامام (ع) بإقامة حلقات من البحث والدرس في مسجد الرسول (ص) واخذ يحدث الناس بصنوف المعرفة الاسلامية، من تفسير وحديث وفقه وتربية وعرفان، راح يفيض عليهم من علوم آبائه الطاهرين. وكان الامام (ع) يتمتع بشعبية كبيرة، حتى تحدث الناس بإعجاب واكبار عن علمه وفقهه وعبادته، وعجت الاندية بالتحدث عن صبره وسائر ملكاته، واحتل مكانا كبيرا في قلوب الناس وعواطفهم، فكان السعيد من يحظى برؤيته، ويتشرف بمقابلته والاستماع الى حديثه. وقد استخدم الامام (ع) اسلوب الوعظ والارشاد في حوار ومناجاة مع الله سبحانه، يستعطفه ويمجده في ستين دعاء عرفت «بالصحيفة السجادية»، رواها عنه ولده الامام الباقر (ع) وزيد بن علي وغيرهما من الثقات، ولا تزال الى يومنا هذا يتداولها المؤمنون ويواظبون على قراءتها. وهي ادعية شاملة حافلة بآداب الاسلام واخلاقه، وبكل ما يقرب المؤمن من الله سبحانه، كما وضع (ع) رسالة للمسلمين تتضمن ما يجب عليهم من واجبات وما يجب لهم من حقوق، تتناول الاخ والجار والصديق والزوج والحاكم وغيرهم وقد عرفت «برسالة الحقوق»، رواها عنه العديد من الثقات الاسناد الى ما هنالك من كلمات قصار ووصايا واحاديث رويت عنه (ع). ويروى عن سماحته وسمو خلقه ما جرى له مع احد اعدائه، والذي شمت بمقتل ابيه الحسين (ع)، اذ لم يجد من يحمي عياله ونساءه غير زين العابدين (ع)، وذلك يوم ثار اهل المدينة فضمهم (ع) الى عياله، وعاملهم بما كان يعامل به اهله وعياله. وليس هذا غريبا على من اجتباهم الله، وان اخلاق الامام زين العابدين من اخلاق جديه محمد رسول الله (ص) والامام علي (ع)، ألم يعف رسول الله (ص) عن رؤوس الشرك والنفاق بعد ان ظفر بهم، وقال لهم قولته الشهيرة: اذهبوا فأنتم الطلقاء؟ ألم يعف الامام (ع) عن مروان الذي قاد جيوشاً لحربه في البصرة؟ ألم يعف عنه بعد ان وقع اسيرا في قبضته، وتركه؟ نعم، انها السماحة الهاشمية. اما عن سخائه وجوده فيروى ان بيوتا في المدينة كانت تعيش على صدقات الامام (ع) ولا تدري من اين تعيش، فلما مات (ع) فقدوا ما كان يأتيهم، فعلموا بأنه هو الذي كان يعيلهم وقالوا: ما فقدنا صدقة السر حتى فقدنا علي بن الحسين زين العابدين. لا عجب في كل ما تقدم، فزين العابدين (ع)، هو رابع الائمة الاطهار المجتبين، ورثة العلم عن رسول رب العالمين، مشاعل نور تضيء للاجيال طريقها الى الخير والصلاح، فأحرى بنا ان ننهج نهجهم، ونسلك مسالكهم، اذ صدق رسول الله (ص) حينما اكد ان عترته هي مع القرآن والقرآن معها، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض. السيد أبو القاسم الديباجي الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي http://aldibaji.org/