السيّدة زينب عليها السّلام المحدِّثة العالِمة
السيّدة زينب عليها السّلام المحدِّثة العالِمة
0 Vote
205 View
حضرت زينب رُوي أن العقيلة زينب عليها السّلام خَطَبت في الكوفة خُطبتَها الغرّاء فتركت أهل الكوفة يَموجُ بعضُهم في بعض، قد رَدُّوا أيديهم في أفواههم، حيارى يبكون وقد تمثّل لهم هولُ الجناية التي اقترفوها، قال الإمام زين العابدين عليه السّلام لعمّته زينب عليها السّلام: أنتِ بحمد الله عالِمةٌ غيرُ مُعلَّمة، فَهِمةٌ غيرُ مُفهَّمة (10). وكلام الإمام زين العابدين عليه السّلام يدلّ ـ بما لا غبار عليه ـ على المنزلة العلميّة الرفيعة التي ارتقت إليها عقيلة الهاشميّين عليها السّلام، فهي عالمة بالعلم اللدُنّيّ المُفاض من قِبل ربّ العزّة تعالى وليس بالعلم المتعارَف الذي يُكتسب بالدرس والبحث. وقال الشيخ المامقانيّ في ( تنقيح المقال ) في معرض حديثه في السيّدة زينب عليها السّلام: زينب، وما زينب! وما أدراك ما زينب! هي عقيلة بني هاشم، وقد حازت من الصفات الحميدة ما لم يَحُزْها بعد أمّها أحد، حتّى حقّ أن يُقال: هي الصدّيقة الصغرى، هي في الحجاب والعفاف فريدة، لم يَرَ شخصَها أحدٌ من الرجال في زمان أبيها وأخوَيها إلى يوم الطفّ، وهي في الصبر والثبات وقوّة الإيمان والتقوى وحيدة، وهي في الفصاحة والبلاغة كأنّها تُفرِغ عن لسان أمير المۆمنين عليه السّلام كما لا يَخفى على مَن أنعم النظر في خُطبتها. ولو قلنا بعصمتها لم يكن لأحد أن يُنكر ـ إن كان عارفاً بأحوالها في الطفّ وما بعده. كيف ولولا ذلك لما حمّلها الحسين عليه السّلام مقداراً من ثقل الإمامة أيّام مرض السجّاد عليه السّلام، وما أوصى إليها بجملة من وصاياه، ولَما أنابَها السجّادُ عليه السّلام نيابةً خاصّة في بيان الأحكام وجملة أخرى من آثار الولاية (11). العقيلة تُحدِّث بعهد رسول الله صلّى الله عليه وآله: للسيّدة زينب عليه السّلام مواقف عديدة في الذبّ عن إمام زمانها، فنراها تستمر في مواقفها في المنافحة عن الإمام زين العابدين عليه السّلام بعد استشهاد أبيه سيّد الشهداء الحسين عليه السّلام، تعزّيه تارةً وتصبّره، وتحافظ عليه من القتل وتَفديه بنفسها تارة أخرى. وقد نقل لنا التاريخ ـ من ضمن مواقفها ـ أنّها شاهدت حزنَ الإمام زين العابدين عليه السّلام الشديد على أبيه الحسين عليه السّلام، فقالت له: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّةَ جدّي وأبي وإخوتي؟ فقال عليه السّلام: وكيف لا أجزَع وأهلَع وقد أرى سيّدي وأخوتي وعُمومتي ووُلد عمّي مُصرَّعين بدمائهم مُرمَّلين بالعراء مُسلَّبين لا يُكفَّنون ولا يُوارَون ولا يُعرّج عليهم أحد، ولا يَقرَبُهم بشرٌ، كأنّهم أهلُ بيتٍ من الدَّيلم والخَزَر ؟! فقالت عليها السّلام: لا يُجزعَنّك ما تَرى، فواللهِ إنّه لَعهدٌ من رسولِ الله صلّى الله عليه وآله إلى جدّكَ وأبيكَ وعمّك، ولقد أخذ اللهُ ميثاقَ أُناسٍ من هذه الأمّةِ لا تَعرِفُهم فَراعنةُ هذه الأمّة، وهم معروفون في أهل السماوات، أنّهم يجمعون هذه الأعضاءَ المتفرّقةَ فيوارونها، وهذه الجسومَ المضرّجة، ويَنصِبون بهذا الطفّ عَلماً لقبرِ أبيك سيّد الشهداء لا يُدرَسُ أثرُه، ولا يَعفو رسمُه على كُرور الليالي والأعوام، ولَيجهَدَنّ أئمّةُ الكفر وأشياعُ الضلالةِ في مَحوه وتَطميسه، فلا يزدادُ إلاّ ظهوراً، وأمرُه إلاّ عُلوّاً (12). المصادر: 10 ـ بحار الأنوار للمجلسيّ 164:45؛ سفينة البحار للمحدّث القمّي 496:3. 11 ـ تنقيح المقال للمامقانيّ 79:3 ـ فصل النساء. 12 ـ بحار الأنوار 57:28 ، و 179:45 ـ 180. http://arabic.tebyan.net/