تشير تحقيقات العلماء أن التاريخ والدين ممتزجين أحدهما بالآخر، وإن الإنسان لا يستطيع إهمال أحدهما على حساب الآخر.
حتى الكثير من الملحدين يعتبرون الدنيا بدون دين شيئ يعصب العيش فيه. ويعتقدون أن المجتمع البشري الحالي مرتبط بالدين كما كانت المجتمعات السابقة.
ولقد اجتذبت البحوث حول هذه الظاهرة القديمة (باستخدام الحكمة والاقتباس) انتباه العديد من البشر.
ماهو منشأ الدين؟
البحث عن منشأ الدين هي واحدةٌ من أهم الأبحاث التي جلبت اهتمام العديد من علماء هذا الزمن.
إن المقصود من منشأ الدين هو أمرين:
ألف: كيف ظهر الدين بيننا كواقع تاريخي، وهل كان أصل الدين طبيعيًا وإنسانيًا أم خارقًا وإلهيًا؟
ب: ما هو سبب ميل الإنسان إلى الدين على مر الأزمان، وهل كان السبب فطرياً أم خارجياً، وماهو السبب الفطري أو الخارجي لإنجذاب الإنسان إلى الدين؟
هل ترك خالق وفاطر هذه الدنيا مخلوقاته وحدها؟
في خصوص هذه المسألة يجب القول بأن منشأ الدين كان إرادة إلهية، ووسيلةٌ وضعها الخالق لهداية الناس، والتي تجلت بإنزل الوحي الألهي على الأنبياء.
فإن لم يكن لهذه المخلوقات من خلقها وكونها، أو أن الله سبحانه وتعالى خلق الناس وتركها تتدبر شأنها بنفسها، فلن يكن الدين قائماً على أساس عقلاني.
لذا فإن الدين هو نعمة إلهية، وضعها الله عز وجل وأنزلها إلى الناس عبر أنبيائه ومرسليه.
إن أساس الدين وجوهره هو التسليم للإرداة والمشيئة الإلهيتين.
بسم الله الرحمن الرحيم: " إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ"
القرآن الكريم، سورة آل عمران، الآية 19.
إن الله سبحانه وتعالى شرّع الدين ووصفه وأرسله إلى عباده على مر الزمان منذ خلق الخليقة إلى يومنا هذا.
وإن هذه الشرائع هي عبارة عن شريعة نبي الله نوح وشريعة إيراهيم وموسى وعيسى ورسول الإسلام محمد (ص)
هل سلكت كل الأديان الطرق الحصيحة التي وضعها الخالق لها؟
على مر الزمان وضع البشر أدياناً ومذاهب مختلفة، ولكن لم يكن أيٌ منها هو الدين الحق الذي وضعه الله عز وجل لعباده.
ومع ذلك كانت بعض تلك الأديان تمتلك بعض الأحكام والتعاليم المستوحاة من حياة الإنسان والوحي الإلهي.
ماهو السبب وراء اتباع الإنسان للدين على مر الزمان؟
هناك وجهات نظر مختلفة بخصوص المسألة، ويكمن حصرها جميعها بمسألتين، الأولى هي فطرة الإنسان والثانية هي الإعتقاد بالله.
ولقد عزت مسألة الإعتقاد بالله ميل الإنسان إلى الدين إلى سببين اثنين هما: الفطرة والعقل.
لماذا يذهب الإنسان في طريق الحق والخير؟
ألف: الفطرة: يعتقد المؤمنون بالله أن سبب ميل الإنسان إلى الدين هي فطرةٌ إليه زرعها الله في الإنسان، وتعتقد هذه الفطرة بأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وخلق هذه الدنيا وان العبد يحبُّ ويعبدُ هذا الرب القوي والحكيم الذي خلق وبدع السماوت والأرض وما بينهما.
ويطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم الرغبات البشرية السامية.
ويعتبر البحث عن الحقيقة وإحساس الحب والعطاء والأخلاق الحسنة وقدسية الإله من أبرز الرغبات الإنسانية.
يستطاع القول أن ميل الإنسان إلى تلك الإحساسات هي فطرة زرعها الله في البشر، يسعون من خلالها الوصول إلى الكمال المنشود.
فإذا كان المرء يسعي تجاه الحقيقة وفعل الخير والفضيلة ويحب الخير ويطلبه، ويمتثل لأمور الحق المتعالي، ومن البديهي أن كل تلك الصفات تعد صفات الكمال، ولأن الإنسان بفطرته خلفه الله طالباً للكمال فإنه سيحب السعي وراء هذا الكمال.
فمن طرف عندما يصل الإنسان إلى درجةٍ من درجات الكمال فإنه يسعى لبلوغ الدرجة الأعلى منها، وباالتالي فإنه الكمال الذي يبحث عنه كمالٌ ليس له نهاية.
ومن طرف آخر فإن البشر، سواء في مجال الواقع الاجتماعي أو في مجال الظواهر الطبيعية، يجدون كل شيء محدوداً وذاهباً إلى زوال، ومن هذا المنطلق فإنه سيؤمن بوجود الخالق عز وجلّ.
يتخيل الإنسان دائماً أن البحث عن الحقيقة الإلهية هي طريق الصواب، ولذلك ومنطلقاً مما يحيط به من موجودات، يقوم الإنسان بالبحث عن الحقيقة الإلهية في الظواهر الطبيعية من حوله.
ب. العقل
المیل إلى الدين هو أيضاً نتيجة للتفكير العقلاني. عندما يفكر الإنسان في سرّ الوجود فإنه يجد علامات الخالق الواحد من الداخل و الخارج، ولا يفكر في خلق السحاب والرياح والضباب والشمس.
إنّ هذا النظم و التناسق بين هذه الظواهر و الحكمة في خلقها تحكي عن حكمة و قدرة الله مع أنها في ظاهرها صامتة .
یتبع...