مكّة المكرمة (غدير خُمّ)

موقع إسلاميات يقع غدير خُمّ بين مكّة والمدينة المنورة، وهو أقرب إلى مكّة من المدينة، وهو وادي، ‏ومن الآثار والمعالم الإسلاميّة العظيمة والمقدّسة في الإسلام وعند المسلمين، ‏والمحبين والموالين لأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك لاحتضانه ‏مناسبة عظيمة وجليلة، وذكرى عيد كبير في الإسلام، وهو تنصيب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) والياً وخليفة، ومبايعته بالولاية التامّة، ‏والطاعة له بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان ذلك يوم الثامن عشر من ‏ذي الحجة، في السنة العاشرة من الهجرة، بأمر من الله تعالى، مشروع وركن قائم في ‏الإسلام لا يزول، وقد منّ الله تعالى به على الأمّة بعد رحيل نبيها (صلى الله عليه ‏وآله)، وقد جاءت تلك المناسبة ‌بالادلة القطعية، والمتواترة في القران والسنّة النبوية، ‏عن طريق الفريقين.‏ ‏(جاء في تفسير فخر الرازي ج 6 ص 49 في آية: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [المائدة : 67]، قال: نزلت الآية في علي بن أبي طالب، ولما نزلت هذه الآية أخذ بيده ‏وقال: (من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وآل من والاه، وعاد من عاداه) ، فلقيه عمر ‏فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي، ومولى كُلّ مؤمن ومؤمنة.‏ ‏جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري في ج 3 ص 109 وعن ‏زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع، ونزل ‏غدير خُمّ أمر بدوحات، فقمن فقال: (كأنّي قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين، ‏أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى، وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما ‏لن يفترقا حتى يردا على الحوض، ثُمّ قال: إنّ الله عزّ وجلّ مولاي، وأنا مولى كُلّ ‏مؤمن، ثُمّ اخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت مولاه فهذا واليه، اللهم وآل من ‏والاه وعاد من عاداه). قال: وهذا حديث صحيح .‏ وروى حديث الثقلين أيضاً‌ احمد بن حنبل في مسنده ج 4 ص 366 وابن الأثير في ‏كتاب أسد الغابة ج 2 ص 12 والكثير من المحدثين وعلماء التفسير.‏ وجاء في كتاب وفاء الوفاء ج 2 ص 1018 للسمهودي قال: ومنها مسجد بعد ‏الجحفة وأظنه مسجد غدير خُمّ. قال الأسدي: بعد ما تقدّم عنه وعلى ثلاثة أميال من ‏الجحفة يسرة ،عن الطريق حذاء العين مسجد لرسول الله (صلى ‌الله عليه وآله) ‏وبينهما الفيضة وهي غدير خُمّ وهي على أربعة أميال من الجحفة.‏ وقال عياض: غدير خُمّ تصب فيه عين وبين الغدير والعين مسجد للنبي (صلى‌ الله ‏عليه وآله).‏ وقال السمهودي: وفي مسند احمد عن البراء بن عازب قال: كنا عند النبي (صلى ‏الله عليه وآله) فنزلنا بغدير خُمّ فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله (صلى ‏الله عليه وآله) تحت شجره فصلى الظهر واخذ بيد علي وقال:( ألستم تعلمون إني ‏أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: اللهم من كنت ‏مولاه فعلي مولاه، اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه). قال: فلقيه عمر بن الخطاب ‏بعد ذلك فقال: هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كُلّ مؤمن ومؤمنة.‏ ‏قال العلامة المجلسي (رحمه الله تعالى) في كتاب البحار ج 21 ص 386: وكان ‏السبب في نزوله في هذا المكان، نزول القرآن عليه بنصب أمير المؤمنين علي بن ‏أبي طالب (عليه السلام) خليفة في الأمّة من بعده، وعلم الله عزّ وجلّ أنّه إن تجاوز ‏غدير خُمّ وانفصل عنه كثير من الناس إلى بلدانهم، فأراد الله أن يجمعهم لسماع ‏النصّ على أمير المؤمنين.‏ وجاء في معجم البلدان في ج 2 ص 389 قال ياقوت الحموي: قال الزمخشري: خُمّ ‏اسم رجل صباغ، أضيف إليه الغدير الذي هو بين مكّة والمدينة بالجحفة، وقيل هو ‏على ثلاثة أميال من الجحفة، وذكر صاحب المشارق إنّ خماً اسم غيضة هناك وبها ‏غدير نسب إليها، قال: وخمّ موضع تصبّ فيه عين، بين الغدير والعين، وبينهما مسجد ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: عرام ودون الجحفة على ميل غدير خُمّ ‏وواديه، يصبّ في البحر، وغدير خُمّ هذا من نحو مطلع الشمس، لا يفارقه ماء المطر ‏أبداً، و به أناس من خزاعة وكنانة غير كثير.‏ وقال الحازمي: خُمّ وادي بين مكّة والمدينة عند الجحفة، به غدير عنده خطب رسول ‏الله (صلى الله عليه وآله)، وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة‌، وخم أيضاً ورم ‏بئران حفرهما عبد شمس بن عبد مناف.‏ وجاء في قاموس الحرمين الشريفين قال: وقال البلادي: يعرف غدير خُمّ اليوم باسم (الغربة)، وهو غدير عليه نخل قليل لأناس من البلادية من حرب، وهو في ‏ديارهم يقع شرق الجحفة على (8) أميال وواديهما واحد، وهو وادي الخرار، وكانت ‏عين الجحفة تنبع من قرب الغدير (1).‏ جاء في البحار قال المجلسي: قال شيخنا الشهيد قدس الله روحه في الذكري: من ‏المساجد الشريفة مسجد الغدير، وهو بقرب الجحفة، جدرانه باقية إلى اليوم، وهو ‏مشهور، وقد كان طريق الحج عليه غالباً (2).‏ جاء في كتاب الحدائق الناضرة، قال الشيخ يوسف البحراني: يستحبّ لقاصدي ‏المدينة المنورة، المرور بمسجد الغدير، ودخوله والصلاة فيه، والإكثار من الدعاء، وهو ‏الموضع الذي نصّ فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على إمامة أمير ‏المؤمنين وخلافته بعده، ووقع التكليف بها، وان كانت النصوص تكاثرت بها عنه (3).‏ __________________________________________________ ‎(1) قاموس الحرمين النعمتي ص 108.‏ (2) البحار المجلسي ج 97 ص 225.‏ (3) الحدائق الناضرة البحراني ج 17 ص 406.‏