الزكاة

{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون.}.(النور /56) الزكاة في اللغة هي النمو والطهارة، وفي المصطلح الشرعي هي الفريضة المالية التي فرضها الله تعالى على المال وفق أحكام وقوانين محدّدة، وهي عنوان عام لفريضة الخمس والصدقات الواجبة .فاسم الزكاة يشمل كلا من الصدقات الواجبة التي أخذت في عرفنا باسم الزكاة كما يشمل الخمس الفريضة المالية الثابتة في الإسلام .أمّا المناسبة التي نقل القرآن الكريم لأجلها هذه الكلمة من معناها اللغوي الشرعي لتكون اسماً للفريضة المالية المخصوصة في الإسلام فهي:أنّ هذه الفريضة تنمّي المال والثروة ببركة الله وتوفيقه من جهة، وتطهّر نفس الإنسان من الجشع والبخل والأثرة والأنانية من جهة أخرى، فتنّمي الخير والحسنات والثروة ؛لذا سميت بهذا الاسم، وعرفت به الزكاة فريضة في شرائع الأنبياء ومناهجهم التي سبقت الإسلام. قال تعالى معّرفاً باسحاق ويعقوب وذريتّهما عليهم السلام :{وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين}. (الأنبياء/73)وقال سبحانه حاكياً حديث عيسى ـ عليه السلام ـ لقومه:{وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّاً}. (مريم/31)فالزكاة إذن كانت فريضة موجودة في شرائع سبقت شريعة الإسلام، لما كانت الصلاة والصوم مفروضة في شرائع سبقت شريعة نبيّنا محمد (ص)، والقران الكريم حينما يتحدث عن الزكاة يوردها ـ في أغلب الأحيان ـ مقرونة بالصلاة ومرتبطة بها كما مرّ علينا آنفاً، والسنّة أيضاً تؤكد هذه العلاقة في موارد متعددة من الحديث عن الزكاة ووجوبها، وتجعل قبول الصلاة مرتبطاً بأداء الزكاة .بل كثيراً ما يجعل أداء الزكاة شرطاً من شروط الإسلام والإيمان، فقد ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) أنهّ لماّ نزلت آية الزكاة:{خذ من أموالهم صدقة تطّهرهم وتزكّيهم بها} في شهر رمضان، أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله مناديه فنادى في الناس: ( إنّ الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة، كما فرض عليكم الصلاة ـ إلى أن قال ـ : ثم لم يتعرّض لشيء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا، فأمر صلّى الله عليه وآله مناديه فنادى في المسلمين: أيها المسلمون زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم، قال: ثّم وجّه عمّال الصدقة وعمّال الطسوق)(5).وجاء عن الإمامين محمّد الباقر وولده جعفر الصادق(ع):(فرض الله الزكاة مع الصلاة) (6).وعن الإمام الباقر(ع):(أنّ الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال:{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}فمن أقام الصلاة، ولم يؤت الزكاة، فكأنّه لم يقم الصلاة}(7). وورد في وصية الرسول (ص) للإمام علي (ع) :(يا علي كفر بالله العظيم من هذه الأمة عشرة وعدّ منهم مانع الزكاة، ثم قال: يا علي ثمانية لا يقبل الله منهم الصلاة، وعدّمنهم مانع الزكاة، ثّم قال:يا علي من منع قيراطاّ من زكاة ماله، فليس بمؤمن ولا بمسلم ولا كرامة:يا علي تارك الزكاة يسأل الله الرجعة إلى الدنيا وذلك قوله عزّ وجلّ:{ إذ جاء أحدهم الموت قال ربّ أرجعون}(8).وهكذا يؤكد الإسلام أهميه الزكاة التعبدية، ويربّي الفرد المسلم على الاهتمام بدفع الزكاة، ويقرنها بأعظم فرائض الإسلام وهي الصلاة، بل ويوقف قبول الصلاة على أداء الزكاة، كل ذلك ليضمن نجاح هذا التشريع، وأداء هذه الفريضة التعبدية التي تطهّر النفس الإنسانية من الجشع والأنانية والمعاناة في حب المال، وليكشف صدق الإيمان والإخلاص لله في الاستجابة لأمره، ومغالبة نوازع النفس الأنانية، وانتصار حبّ الله عليها لذلك قال الإمام جعفر الصادق (ع):إنّما وضعت الزكاة اختباراً للأغنياء ومعونة للفقراء).لأنه ليس من السهل على الإنسان أن يعطي المال، وينفق من ثروته بدافع ذاتي، إلاّ بعد أن يفهم معنى المال والثروة وقيمتها في الحياة الفانية، وإلاّ بعد أن يؤمن بالعوض والجزاء الذي يقابل بذله وصرفه للمال، وبهذا الإختبار كانت الزكاة فريضة عبادية يتعبّد بها المسلم، ويتقرب بها إلى الله سبحانه. ولذا كان قبولها عند الله متوقف على إخلاص النية وصدق التقرّب إليه. شروط وجوب الزكاة اشترط الإسلام في وجوب الزكاة شروطاً لا تجب إلاّ مع توفّرها. وهذه الشروط هي: 1 ـ البلوغ (9):أي أن يكون الشخص بالغاً مرحلة التكليف الشرعي، فالزكاة لا تجب في مال الصبي مهما يكن غنياً. 2 ـ العقل(10):والشرط الثاني من شروط الوجوب هو العقل فمال المجنون معفو من الزكاة. 3 ـ الحرّيّة:ومعناها أن يكون الشخص حرّاً غير مملوك لأحد حين الوجوب. 4 ـ الملك:والمراد بالملك هنا أن يكون المال في زمان تعلق الزكاة، أو في تمام الحول، هو تحت سيطرة المكلف، فان لم يكن تحت سيطرته، كالمال المقروض قبل قبضه، والمال الموصى به قبل وفاة الموصي...الخ، فلا زكاة عليه. 5 ـالتمكّن من التصرّف: أي أن يكون المالك قادراً على التصرف في المال المملوك، فلو كان مرهوناً، أو غائباً لم يصل إليه ولا إلى من يمثله، أو مسروقا، فلا زكاة عليه . تنبيه:الإسلام ليس شرطاً في وجوب الزكاة، فهي تجب على الكافر أيضاً، وتقوم السلطة الشرعية باستيفائها من المجتمع الإسلامي ينتفع من الزكاة عندما تستثمر في مجال الخدمات العامة، كبناء المدارس والمستشفيات والطرق من جهة، ومن جهة أخرى فان الزكاة حق مالي للفقراء متـعلّق بأموال الأغنياء ـ سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين ـ لذا يجب استنقاذ هذا الحق وردّه إلى أصحابه الشرعيين، وهم الفقراء.(11) ما تجب فيه الزكاة شرّعت الزكاة بصورة قانونية دقيقة بحيث يكون القدر المتجمّع منها يغطّي حاجة الفقراء والمحتاجين، لذا فهي شملت: 1 ـ الغلات الزراعية. 2 ـ الحيوانات (الأنعام الثلاثة). 3 ـ النقد(النقدان). 1 ـ الغلاّت الزّراعيّة تجب الزكاة في الغلاّت الزراعية الأربع(12)الآتية: 1 ـ الحنطة. 2 ـ الشعير. 3 ـ التمر. 4 ـالزبيب. شروط الوجوب: يشترط في وجوب الزكاة في هذه الغلات الأربع مضافاً إلى الشروط العامة التي ذكرناها (في وجوب الزكاة بصورة عامة) شرط آخر وهو: بلوغ النصاب:أي أن يبلغ المحصول الزراعي من الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب مقداراً معيناً، وهو (847) كيلو غرام، فان لم يبلغ المحصول هذا المقدار، وكان أقل منه، فلا تجب فيه الزكاة. أحكام خاصة بزكاة الغلاّت 1 ـ توزن هذه الغلات بعد يبسها، ويعتمد في إخراج الزكاة على وزنها بعد يبسها. فلو فرض أنّ وزن العنب كان بقدر الوزن الواجب فيه الزكاة، ولكنّه عندما يجف ويصير زبيباً يقل وزنه عن النصاب المحدّد، فانّه يعفى من الزكاة في هذه الحالة ؛لأنّ الصافي منه أقل من النصاب المطلوب. 2 ـ كلما تضاعف مقدار النصاب تضاعف مقدار الزكاة 847، 1694، 3388، وهكذا تحسب النصب بصورة تصاعدية، وتخرج زكاتها، فلو فرضنا أنّ شخصاً ملك 847 كيلو حنطة وكانت هذه الحنطة تسقى بماء المطر، فمقدار زكاتها يكون (84.7)كيلو غرام، فإذا زاد المقدار مائة أو مائتين أو ست مائة أو أكثر على هذا المقدار، فلا يجب في هذا المقدار الزائد زكاة حتى يبلغ ضعف النصاب أي يصبح (1694) كيلو فتتضاعف عندئذ زكاته ونكون (169.400) كيلو غرام وهكذا يستمر الحساب. 3 ـ وقت وجوب إخراج الزكاة هو تصفية الحب أو قطع الزبيب أو اجتذاذ التمر. قال تعالى:{ وآتوا حقّه يوم حصاده}.( الأنعام/141) فإن لم يدفع المكلف بالزكاة المقدار الواجب دفعه ـ من غير عذر مشروع ـ يكون مسؤولاً عن دفعه، وضامناً له إذا أصابه التلف أو الدمار. 4 ـ إذا دفع الشخص زكاة محصوله الزراعي ـ في هذا العام ـ وبقي هذا المحصول محزوناً إلى العام القادم أو أعوام أخرى، فلا تجب فيه الزكاة مرّة ثانية. المقدار الواجب دفعه: قلنا أنّ الغلات الأربع لا تجب الزكاة إلاّ إذا بلغ وزنها(847)كيلو، فان كانت أقلّ من ذلك فهي معفوة من الزكاة، ونعود هنا فنوضّح المقدارـ النسبة الئوية ـ الواجب دفعه من كل نصاب، ويجب أن لا يفوتنا هنا أن ننبهّ إلى أنّ التشريع الإسلامي قد جعل علاقة قانونية بين الجهد الإنساني المبذول في العمل الزراعي، وبين مقدارالزكاة الواجب إخراجه،فجعل للجهد الإنساني حصة تعادل50%من مقدار الزكاة الواجبة، يعفى المكلف بالزكاة من دفعها جرياً على قاعدة العدل التشريعي، وتشجيعاً للجهد البشري الذي يساهم في الإنتاج الزراعي، ويدخل كعنصر أساس في بناء الإنتاج؛لذلك قسمّت الغلات الزراعية التي تجب فيها الزكاة إلى قسمين: أ ـ قسم يسقى سقياً طبيعياً، لا يبذل فيه جهد بشري كالذي يسقي سيحاً أو بماء المطر...الخ . وجعلت زكاة هذا القسم العشر، أي (10%) من كل نصاب من الغلات . ب ـ قسم يسقى بواسطة الجهد البشري:أي عن طريق الآلات و المكائن ...الخ، وقد أوجب الإسلام في نصاب هذا المحصول الزراعي نصف العشر أي (5%)، وأسقط نصف العشر (5%)لأجل الجهد البشري المبذول في العمل الزراعي . تنبيه: 1 ـ إذا كان الزرع يسقى سقياً طبيعياً تارة وسقياً بواسطة الآلة، أو الجهد الإنساني تارة أخرى، فعندئذ تلاحظ الطريقة الغالبة التي يعتمد عليها الزرع، وتحسب النسبة المئوية بناء على ذلك. 2 ـ أمّا إذا اعتمد الزرع في سقيه على الطريقتين بصورة متساوية فإنّ النصاب يقسم يدفع منه العشر، وقسم يدفع من نصف العشر. 3 ـ حساب حصة الزكاة الواجبة (10%و5%)يعتمد على نوع السقي حين وجود الثمر، وليس على سقي الزرع قبل ظهور الثمر، فلو كان الزرع والشجر يسقي سيحاً قبل الثمر، ثم انقطع الماء وصار المزارع يسقيه بواسطة الآلة بعد ظهور الثمر، وجب فيه 5%وليس10%. 4 ـ يجوز للحاكم الشرعي أو(الدولة الإسلامية) خرص ـ تقدير ـ ثمر النخل والكرم والزرع على المالك، لتقدير حصة الزكاة تمهيداً لدفعها إلى خزينة الدولة الإسلامية أو توزيعها على مستحقّيها. 2 ـ الأنعام الثلاثة ويقصد بالأنعام: الابل، والبقر، والغنم، ويلحق الجاموس بجنس البقر، ويشمل جنس الغنم: الماعز والضأن.شروط في وجوب الزكاة في الأنعام المذكورة ـ مضافا الى الشرئط العامة المتقدمة ـ أربعة شروط، هي: 1 ـ النصاب ـ أي أن يبلغ عددا معينا ـ . 2 ـ السوم طول العام: أي أن تكون سائمة ترعى رعيا طبيعيا، لا يقدم لها صاحبها العلف من عنده، فان كانت معلوفة أعفيت من الزكاة، ولو كان صاحبها يقدم لها العلف في بعض الأحيان(13). 3 ـ أن لا تكون عوامل(14) ـ أي مستخدمة للعمل ـ كالتي تستعمل للنقل أو السقي أو الحراثة... الخ. 4 ـ أن يمر عليها حول وهي جامعة للشرائط المتقدمة فان فقدت هذه الشروط ـ بعضها أو كلها ـ فلا تجب فيها الزكاة. تفصيل الأنصبة: المقصود بالنصاب هو أن يبلغ الحيوان عددا معينا لكي تحب فيه الزكاة. ويختلف النصاب من جنس الى جنس آخر من الأنعام الثلاثة، وفيما يلي نبين هذه الانصبة حسب ترتيبها القانوني المشرع في الإسلام: أ ـ نصاب الإبل: وفي الإبل اثنى عشر نصابا، أي اثنى عشر عددا من الإبل، وفي كل عدد معين مقدار محدد يجب على المكلف دفعه، وهي كالآتي: رقم النصاب عدد الابل مقدار الزكاة النصاب الأول خمس يجب فيها شاة النصاب الثاني عشر يجب فيها شاتان النصاب الثالث خمس عشرة يجب فيها ثلاث شياه النصاب الرابع عشرون يجب فيها أربع شياه النصاب الخامس خمس وعشرون يجب فيها خمس شياه النصاب السادس ست وعشرون يجب فيها بنت مخاض(15) النصاب السابع ست وثلاثون يجب فيها بنت لبون(16) النصاب الثامن ست وأربعون يجب فيها حقه(17) النصاب التاسع إحدى وستون يجب فيها جذعة(18) النصاب العاشر ست وسبعون يجب يها بنتا لبون النصاب الحادي عشر احدى وتسعون يجب فيها حقتان النصاب الثاني عشر مائة واحدى وعشرون وفيها في كل خمسين راسا حقة وفي كل أربعين بنت لبون(19) تنبيه: الأعداد التي تبدأ من (121) فصاعدا تقسم على (40) أو على (50) ( بعد طرح العدد من 1 ـ 9) بحيث يكون عدد الابل قابلا للقسمة على (40) أو على (50) بلا زيادة ولا نقيصة، وعندئذ يطبق الحكم الوارد في النصاب الثاني عشر. ب ـ نصاب البقر: أما البقر والجاموس ففيها نصابان الاول: ثلاثون رأسا، وفيها رأس من البقر أو الجاموس، وبشرط أن يكون قد دخل السنة الثانية. الثاني: أربعون رأسا، وفيها رأس من البقر، ويشترط أن يكون قد دخل السنة الثالثة. تنبيه: إذا زاد العدد على هذين العددين فعندئذ يعتبر (30) والعدد (40) وحدة قياس، وعندئذ يقسم العدد على (30) ان كان مضاعفات (30) كالـ (60، 90، ... الخ) أو يقسم العدد على (40) ان كان من مضاعفات العدد (40) كالـ (80، 120، ... الخ) أما الاعداد من 1 الى 9 التي تزيد على النصاب مثل 41، 42، ... الخ)، فانها تطرح، ويقسم العدد الذي لا كسر فيه، كالأربعين والثمانين والثلاثين والستين... الخ. ج ـ نصاب الغنم: أما الغنم ففيها خمسة نصب، وهي كالآتي: النصاب المقدار الواجب 1 ـ 40 شاة واحدة 2 ـ 121 شاتان 3 ـ 221 ثلاثة شياه 4 ـ 201 أربع شياه 5 ـ 400 فاكثر شاة واحدة لكل (100) رأس من الغنم 3 ـ النقدان أما النوع الثالث من أنواع المال التي تجب فيها الزكاة فهو (النقدان)، ويقصد بالنقدين (الذهب والفضة المسكوكين(20)) باعتبارهما الصيغة النهائية لكل ما يملكه الانسان. فكل ما يملكه الانسان، ويوفره، يمكن أن يتحول في النهاية الى نقد (ذهب وفضة) فهما مصب المال والثروة والبديل لهما، لذلك شرع الإسلام وجوب الزكاة في النقدين وربط الوجوب بالصفة النقدية (باعتبارها الذهب والفضة أداة للتبادل) ولم يرتبط الوجوب بالصفة المعدنية لهما. والذي يؤيد هذا المفهوم هو أن التشريع الإسلامي أوجب على الذهب والفضة الخمس فقط ان كانا معدنين، ولم يوجب عليهما الزكاة الا بعد تحولهما الى نقد مسكوك. وستعرف ذلك بوضوح من استعراضنا لشروط وجوب الزكاة في النقدين. شروط وجوب الزكاة في النقدين: لا تجب الزكاة في النقدين الا بعد توفر شروط خاصة بالإضافة الى الشرائط العامة التي ذكرناها في بداية البحث، وهذه الشروط الخاصة هي: 1 ـ النصاب: فلكي تجب الزكاة في نقد الذهب يجب أن يبلغ المقدار المحدد، وهو عشرون دينارا ذهبا، والتي تساوي خمسة عشر مثقالا صيرفيا، ويجب فيها 5،2 % أي ربع عشرها بشكل متوال.أما الفضة فنصابها مائتا درهم وتساوي (105) مثاقيل صيرفية (وهو الحد الأدنى الواجب في الزكاة) فاذا بلغ الموجود من المال مائتا درهم فضة، وجب على المكلف أن يدفع منها (5) دراهم، أي 8/5 ،2) مثقال صيرفي، فاذا زاد أربعون درهما، وجب دفع درهم عن هذه الأربعين.وهكذا كلما زاد أربعون درهما أخرى، وجب دفع درهم واحد، فيكون الحساب هكذا (200 ـ 240 ـ 280، ... الخ) ومقدار الزكاة هكذا (5 دراهم ـ 6 دراهم ـ 7 دراهم ... الخ).2 ـ يشترط في وجوب الزكاة في الذهب والفضة أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة (نقد)، أما اذا كانا سبائك أو قطع... الخ، فلا تجب فيهما الزكاة، بل يجب فيهما الخمس. 3 ـ بلوغ الحول: والشرط الثالث من شروط وجوب الزكاة في النقدين هو ان يمضي على تملك النصاب حول كامل. مصارف الزكاة الزكاة تشريع مالي له أهداف اقتصادية وأخلاقية واجتماعية وعمرانية، تستهدف مكافحة الفقر والشح والانانية والجشع، وتعمل على توفير الخدمات الاجتماعية وتحرير العبيد واصلاح الوطن الإسلامي، ونشر الدعوة الى الإسلام... الخ، وتدخل الزكاة كمورد رئيس من موارد خزينة الدولة الإسلامية وماليتها، لذلك حددت الشريعة الإسلامية الجهات والمصارف التي تصرف فيها الزكاة، ليعم النفع العام وتنتعش كل جوانب الحياة، وتعالج المشاكل التي يعانيها الفرد والمجتمع، وفيما يلي ندون أسماء الجهات التي تصرف فيها الزكاة، فهي: 1 ـ الفقراء: والفقير هو من لا يملك حاجة سنته، سواء من كان لا يملك النقود والسلع بصورة فعلية، أو كان عاجزا عن توفير تلك الحاجة بالكسب والعمل. 2 ـ المساكين: والمساكين هم أسوأ حالا من الفقراء من حيث القدرة المالية، ويعطى الفقراء والمساكين من الزكاة بقدر حاجتهم، وحسب ظروف مجتمعهم.وليس المقصود بالفقير والمسكين هو اليتيم والارملة والعاجزين عن العمل وحسب، بل ويشمل كل مسلم في المجتمع لا يستطيع سد حاجته المعاشية، وان كان يمارس العمل، وله مورد مالي يدر عليه ربحا، فهو يستحق الزكاة مازال مورده المالي لا يسد حاجته، اذ يعطى في هذه الحالة لسد العوز الحاصل في وارده السنوي. فقد روى أحد أصحاب الإمام جعفر الصادق (ع) قال: ( قال: (( قلت للصادق (ع) أعطي الرجل من الزكاة ثمانين درهماً؟ قال: نعم وزده. قلت: أعطي مئة؟ قال: نعم وأغنه، ان قدرت على أن تغنيه )) (21). وروى أبو بصير، قال: قلت للامام الصادق (ع): (ان شيخاً من أصحابنا يقال له (عمر)، سأل عيسى بن أعين، وهو محتاج، فقال له عيسى بن أعين: أما أن عندي من الزكاة، ولكن لا أعطيك منها، فقال له: ولم؟ فقال: لأني رأيتك اشتريت لحما وتمرا، فقال: انما ربحت درهما فاشتريت بدانقين لحما، وبدانقين تمرا، ثم رجعت بدانقين لحاجة. قال: فوضع أبو عبد الله (ع) يده على جبهته ساعة، ثم رفع رأسه، ثم قال: ان الله نظر في أموال الأغنياء، ثم نظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفون به، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب، ويكتسي ويتزوج ويتصدق ويحج)(22). 3 ـ الغارمين: والغارم هو المدين الذي تراكمت عليه الديون، ولا يستطيع الوفاء بها، فيعطى من هذه الزكاة لفك دينه، ولا يخفى مالهذا التشريع من أثر نفسي وأخلاقي اضافة الى أثره الاقتصادي في حياة الفرد والجماعة. ففي هذا التشريع ضمان لحق الدائن، وعون وطمأنينة للمدين، فالشخص الذي يتعرض للازمات المالية، أو للطوارئ التي تحل به، لا يصبح عرضة للعقاب والسجون والارهاق المالي، كما هي حال الانسان في ظل القوانين الوضعية، بل تتحمل خزينة الدولة دفع هذه الديون التي عجز المدين عن أدائها من حصة الزكاة بشرط أن لا يكون قد صرف هذه الاموال في المعصية. 4 ـ ابن السبيل: وهو المسافر الذي نفد ما لديه من مال في سفره، فانه يعطى من الزكاة ما يكفيه لاعادته الى وطنه. ويساهم هذا التشريع بسد باب التشرد والتسوّل والسرقة والسقوط الاخلاقي، الذي قد يضطر الغرباء الذين انقطع بهم السبيل الى ولوجه، واللجوء اليه. 5 ـ سبيل الله: ويحتل هذا السهم أوسع أبواب الصرف في فريضة الزكاة، فهو يشمل كل أعمال البر والاصلاح ومجالات الخدمة والمصلحة الاجتماعية والعقيدية كبناء المساجد والمدارس والمستشفيات والملاجئ، وتسليح الجيش والدعوة الى الإسلام والأمر بالمعروف...الخ. وينتفع من هذا المجال كل المواطنين في ظل الدولة الإسلامية، سواء المسلمون منهم، وغير المسلمين اذ لا يتوقف الانتفاع بالمؤسسات والخدمات العامة التي تنشؤها الدولة من أموال الزكاة على المسلمين وحدهم. 6 ـ العاملون عليها: وهم الاشخاص الذين يعملون على جمع وتوزيع الزكاة، فهؤلاء الموظفون الذين يعملون في ادارة الجهاز الوظيفي الذي يقوم بجمع وحفظ وتوزيع وصرف الزكاة، يتقاضون مرتباتهم المعاشية من واردات الزكاة، باعتبارهم موظفين عاملين، لا باعتبارهم فقراء مستحقين. 7 ـ المؤلفة قلوبهم: وهم ضعاف الايمان من المسلمين الذين يخشى عليهم أن يغيّروا دينهم، فمثل هؤلاء يعطون من الزكاة لتثبيتهم على دينهم وتقوية موقفهم الى جانب الإسلام. اذ قد يستغل خصوم الإسلام حاجتهم وفقرهم ويعملون على استهوائهم وحرف اعتقادهم كما يفعل كثير من دعاة المسيحية والمبادئ المعادية للاسلام الآن في المناطق الفقيرة من بلاد المسلمين. وبذا يشكّل هذا التشريع ضمانة وقائية في حياة المسلم الاقتصادية، يسد الثغرة المعاشية التي قد ينفذ منها خصوم الإسلام ويتخذونها وسيلة للتضليل والتأثير على ضعاف الايمان من الفقراء، اضافة الى أن هناك كثيرا من أعداء الإسلام وخصومه من هذه الفئة من (المؤلفة قلوبهم) قد يدفعهم ضعف الايمان الى محاربة الإسلام والتعاون مع الكفار، لا لفقرهم وحاجتهم الى المال، ولكن بسبب تحاملهم على الإسلام وقيادته، لذلك فان صرف حصة من مال الزكاة الى هذه الفئة وغمرها بالفضل والعطاء والرخاء، يجعلها تخلد الى العيش في ظلال هذه النعمة، وتخشى فقدها، إذا ما هي قاومت الرسالة والدولة الإسلامية. 8 ـ تحرير العبيد المكاتبون: وهم العبيد الذين اتفقوا مع اسيادهم على التحرير لقاء مبلغ معين، فانهم يعطون من الزكاة ما يكفيهم لتحرير أنفسهم، وفك رقابهم، تنفيذا لمنهج الإسلام الذي استهدف تحرير الانسان، وانقاذه من الرق والعبودية. /www.erfan.ir