الفن في الفقه الإسلامي

  الفن يستعمل في الحذاقة ، والصناعة ، والتزيين والفن بمعناه العرفي في أيامنا هذه هو : ما يعبر به بأي نحو من أنحاء التعبير : من رسم أو شعر أو غناء أو غير ذلك على نحو يتقوم بالإحساس والذوق . وحيث ان الإسلام تشريع كامل يتناول كل نواحي الحياة ، فلا بد من ان يتناول أنواع الفنون بالأحكام التكليفية الخمسة : الوجوب ، والحرمة ، والاستحباب ، والكراهة ، والإباحة . وإذا لم تتناول النصوص بعض ما لم يكن موجودا في زمن التشريع ( كالتمثيل ) ، فقد جعلت بعض الأصول التي تهدي المكلف إلى الحكم أو الوظيفة الشرعية ، وذلك بحسب الترتيب في جريان الأدلة والأصول : 1 ـ ان يحاول المكلف الوصول إلى قطع بالحكم . 2 ـ فان لم يجد يحاول الوصول إلى أمارة معتبرة من خبر واحد ، أو سيرة ، أو شهرة ، أو ظن مطلق . 3 ـ فان لم يجد ووقف المكلف محتارا يسال نفسه ماذا يصنع ؟ فقد جعل له المولى حينئذ أصولا عملية تدله على وظيفته العملية : وهي مجرد عمل على قول ـ ومنهم الشيخ الأعظم الأنصاري ( ره ) أو تنشئ أحكاما ظاهرية على قول آخر ـ ومنهم الشيخ الاخوند صاحب الكفاية ( ره ) أو أحكاما واقعية على قول القائلين بالسببية أو التصويب . هذا كله في استكشاف الأحكام ، وتسمى الشبهة فيه شبهة حكمية أي إننا لا نعلم ما هو الحكم . والشبهة الحكمية لها أسباب حصرها الشيخ الأنصاري بثلاثة : 1 ـ فقدان النص . 2 ـ اجمال النص . 3 ـ تعارض النصين . الشبهة المفهومية : وأما في إثبات المفاهيم الواردة في النصوص مثل مفهوم الغناء ، فقد عمد الفقهاء إلى الترتيب الأتي : 1 ـ ان نطرق باب الشارع لنرى ان كان لديه مفهوم خاص ، فيكون حقيقة شرعية ، ونأخذ به . 2 ـ فان لم يكن نطرق باب العرف الموجود آنذاك لنرى ان كان لديه مفهوم خاص فنأخذ به ، فحيث لا يكون حقيقة شرعية نأخذ بالحقيقة العرفية لان الشارع يتحدث عن عرف الناس في زمنه . 3 ـ فان لم يكن نطرق باب اللغة ، إذ مع انعدام الحقيقة الشرعية والعرفية لا بد من الأخذ بالحقيقة اللغوية . 4 ـ فان لم يكن تعود المسالة شبهة مفهومية ، حيث إننا لم نستطع إثبات مفهوم مراد للكلمة ، ونرجع إلى ما يقتضيه الأصل . هذا كله في إثبات المفهوم . الشبهة المصداقية : وأما في إثبات المصاديق ـ وذلك كما إذا علمنا حكم الغناء ، وعلمنا مفهومه ، ولكنا نشك في هذا الفعل الخارجي : هل هو مصداق للغناء أم لا ؟ وتسمى الشبهة حينئذ مصداقية ، ولم يعمد الشيخ الأنصاري ( ره ) إلى ذكر أسبابها ، لان أسبابها الأمور الخارجية ، وهي لا تحصر ولا تحصى ـ فتثبت : ـ إما بالقطع . ـ وإما بأمارة معتبرة في الموضوعات ، كشاهد عدل أو شاهدين ، أو خبر ثقة ، أو حسب ظاهر أو شهرة معتبرة . ـ وإما أن تعود المسالة شبهة مصداقية ، ونرجع إلى ما قرر هناك : إلى الرجوع للعمومات مطلقا كالمشهور بين القدماء ، أو الرجوع إلى العمومات مع المخصص اللبي ـ أي ما لم يكن لفظيا وعدم الرجوع إليها مع المخصص اللفظي والرجوع إلى أدلة أخرى كما هو عليه شيخنا الأعظم الأنصاري ( ره ) ، أو غير ذلك . بهذا الترتيب سنشرع في بحث مسألتنا : الفن وستكون لأنواعه المعروفة في زمننا هذا أبواب ، لكل باب بحث خاص على النحو الأتي : 1 ـ الغناء . 2 ـ الموسيقى . 3 ـ الرسم والنحت والتصوير . 4 ـ الرقص والتمثيل ، سواء كان التمثيل في المسرح أو السينما . 5 ـ الشعر والأدب والقصة . وقبل البدء لا بد من الفات النظر في : الفرق بين العلة والمناط : وهو إن الأحكام تابعة في عالم الثبوت للمصالح والمفاسد : سواء كانت المصلحة والمفسدة في متعلق الحكم كما في ( الخمر حرام ) ، حيث تكون المفسدة في نفس الخمر . أو تكون المصلحة في جعل الحكم ، كما في الأوامر الاجتماعية والاختيارية وان كنا لا نفهم المصلحة في الجعل في مثل أيامنا هذه حيث لا امتحان ولا اختبار لأحد ويكفي امتثاله للأحكام الشرعية ذات المصالح والمفاسد ، هذا في عالم الثبوت . وأما في عالم الإثبات ، فحيث لا نستطيع إدراك المصالح والمفاسد ، فان الله عزوجل قد جعل استكشاف الأحكام باستكشاف مناطاتها التي يمكن إدراكها . ونقصد بالمناط هو : ما يدور حوله الحكم وجودا وعدما في مقام الإثبات والبرهان ، وبهذا يفترق عن علة الحكم ، لان العلة هي ما يدور حوله الحكم وجودا وعدما في مقام الثبوت . ومن هنا نفرق بين إثبات الحكم بالقياس وبين إثباته بوحدة المناط . حيث ثبت بطلان الأول من دون الثاني ، وذلك لان القياس تسرية للحكم من موضوع معلوم الثبوت إلى آخر مجهول ثبوت الحكم بواسطة العلة ، ولذا فالقياس يعتمد على استكشاف العلة ، والعلة ـ وهي المصلحة الواقعية كثيرا ما لا تكون قابلة للاستكشاف ( ان دين الله لا يصاب بالعقول ) . وهذا بخلاف إثبات الحكم بوحدة المناط ، وهو تسرية الحكم من موضوع معلوم ثبوت الحكم له إلى موضوع مجهول الحكم بواسطة وحدة المناط . والمناط يمكن استكشافه لأنه من عالم البرهان والإثبات ، ويعتمد إلى حد كبير على الاستظهار ، وعالم الظواهر ليس مغلقا غالبا أمام المكلف ، بخلاف عالم الواقع . إذا عرفنا هذا : فينبغي ان نعلم ان المناط تارة يكون أمرا خارجيا بعينه كالخمر والنرد على قول وتارة يكون أمرا عاما كالاسكار والإفساد والقمار . وهنا أحب أن أشير إلى انه ليس من شان الشارع المقدس وحكمة التشريع ان ينظر إلى أمر شخصي خارجي ، كهذا المكعب النرد أو هذه الالة فيحكم عليها بما إنها كذلك ،لا بعنوان الإفساد أو القمار أو اللهو بل من شانه جل شانه ان يعلق الأحكام بالأمور العامة والمناطات الشاملة التي تؤدي إلى صلاح أمر المكلف . من هنا ، فان أهم وظيفة للمجتهد هي محاولة استكشاف المناطات التي تدور حولها الأحكام . الغناء : ونقسم البحث فيه إلى ثلاثة أقسام : ا ـ رأي الشيخ الأنصاري ( ره ) . ب ـ رأي بعض فقهاء المسلمين . ج ـ رأي خاص . ا ـ رأي الشيخ الأنصاري ( ره ) : يظهر من كلام الشيخ ان الخلاف في حرمة الغناء هو في الشبهة المفهومية لا في الشبهة الحكمية ، بمعنى انه لا خلاف في حرمته بعنوانه ، إذ لو كان محرما بعناوين خارجية لكان مقتضاه حليته بعنوانه والحرمة إنما هي لهذه العناوين الخارجية . وقد استدل على الحرمة بثلاثة أوجه : 1 ـ الإجماع : وقـد عبر عنه بقوله : ( لا خلاف في حرمته في الجملة ) ( 1 ) ولا يبعد ان يكون إجماعا مدركيا نظرا للروايات التي سترد وقوله في الجملة إشارة إلى خلاف البعض أمثال الكاشاني والسبزواري واستثناء الغناء في الأعراس وحدا الإبل والمراثي وقراءة القرآن . 2 ـ الآيات المفسرة بالغناء في الروايات : ـ في تفسير قوله تعالى : ( واجتنبوا قول الزور ) ( 2 ) . فقد ورد مستفيضا تفسير قول الزور بالغناء ، في صحيحة الشحام ومرسلة ابن أبي عمير وموثقة أبي بصير المرويات عن الكافي ورواية عبد الأعلى المحكية عن معاني الأخبار وحسنة هشام المحكية عن تفسير القمي . ـ في تفسير لهو الحديث في قوله تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ل يضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ) ( 3 ) . فقد ورد مستفيضا في تفسير لهو الحديث كما في صحيحة ابن مسلم ورواية مهران بن محمد ورواية الوشاء ورواية الحسن بن هارون ورواية عبد الأعلى السابقة . ـ في تفسير الزور في قوله تعالى : ( والذين لا يشهدون الزور ) ( 4 ) . كما في صحيحة ابن مسلم عن أبي عبد الله ( ع ) تارة بلا واسطة وأخرى بواسطة أبي الصباح الكناني . ـ في تطبيق اللغو على الغناء في قوله تعالى : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) ( 5 ) . رواية محمد بن أبي عباد وكان مستهترا ـ مشتهرا بالسماع ويشرب النبيذ : قال سالت الرضا ( ع ) عن السماع قال : لأهل الحجاز فيه رأي وهو في حيز الباطل واللهو أما سمعت الله عز وجل يقول : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) . ـ في تطبيق اللهو والباطل على الغناء في قوله تعالى : ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ان كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) وذلك في رواية عبد الأعلى . ويذهب الشيخ الأنصاري إلى أن هذه الروايات لا تدل على حرمة الغناء بعنوانه بل من حيث اللهو والباطل واللغو فيقول في المكاسب : ( والإنصاف إنها لا تدل على حرمة نفس الكيفية الا من حيث إشعار لهو الحديث بكون اللهو عن إطلاقه مبغوضا للّه تعالى وكذا الزور بمعنى الباطل وان تحققا في كيفية الكلام لا في نفسه كما إذا تغنى في كلام حق من قرآن أو دعا أو مرثية ) . 3 ـ الروايات : وهي كثيرة ومتظافرة وقد ذكر الشيخ ( ره ) بعضها فذكر منها : ـ رواية يونس قال : ( سالت الخراساني ( 6 ) عن الغناء وقلت : إن العباسي زعم انك ترخص في الغناء فقال : كذب الزنديق ما هكذا قلت له وإنما سألني عن الغناش قلت له أن رجلا أتى أبا جعفر ( ع ) فسأله عن الغناء فقال له : إذا ميز الله بين الحق والباطل فأين يكون الغناء قال : مع الباطل ، فقال : قد حكمت ) . ـ رواية الأعمش في تعداد الكبائر قوله : ( والملاهي التي تصد عن ذكر الله كالغناء وضرب الأوتار ) . ـ قوله ( ع ) وقد سئل عن الجارية المغنية : قد يكون للرجل الجارية تلهيه وما ثمنها الا كثمن الكلب . ويذهب الشيخ ( ع ) إلى ان هذه الروايات لا تدل على الحرمة العنوانية للغناء ، بل إلى العناوين الخارجية من اللهو والباطل حيث يقول في المكاسب : ( وبالجملة فالمحرم هو ما كان من لحون أهل الفسوق والمعاصي التي ورد النهي عن قراءة القرآن بها ، سوا كان مساويا للغناء أو اعم أو اخص ) . ولكنه يبدل رأيه بعد ذلك مباشرة حيث يرى الحرمة العنوانية للغناء ، ولكن لا بسبب الأدلة بل بسبب ظهور لفظ الغناء في انه هو اللهو فيقول : ( مع ان الظاهر ان ليس الغناء الا هو ـ أي اللهو ) . ومع وصول الشيخ إلى هذه النتيجة ( أي حرمة الغناء لعنوانه ) أصبحت المسالة عنده من باب الشبهة المفهومية ، ويلزم تنقيح معنى الغناء المراد في الروايات . معنى الغناء : بعد ما سرد الشيخ ( ره ) معاني الغناء لدى الفقهاء واللغويين من انه الصوت أو مد الصوت أو هو مع الترجيع أو هو مع الإطراب إلى غير ذلك ، وبعد الإشكال ورده على ما هو منحاه في بحث أية مسالة من الأخذ بجانب والاستدلال له حتى تظن انه مختاره ثم ينقلب ليثبت عكسه حتى تظن انه رفضه وإذا به يعود ليثبت الأول وهكذا يذهب في تحقيق المسالة والتدقيق فيها . بعد هذا كله ذهب الشيخ ( ره ) إلى ان اللهو لا ينفك عن الغناء مصداقا من دون مدخلية له في المفهوم فيقول : ( وكيف كان فالمحصل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فيه على سبيل اللهو ، فان اللهو كما يكون بلة من غير صوت كضرب الأوتار ونحوه بالصوت في الآلة كالمزمار والقصب ونحوهما فقد يكون بالصوت المجرد ، فكل صوت يكون لهوا بكيفيته ومعدودا من الحان أهل الفسوق والمعاصي فهو حرام وان فرض انه ليس بغناء وكل ما لا يعد لهوا فليس بحرام وان فرض صدق الغناء عليه فرضا غير محقق لعدم الدليل على حرمة الغناء الا من حيث كونه باطلا ولهوا وزورا ) . إذن ، الغناء هو : كيفية ولا علاقة له بمادة الصوت يقول الشيخ ( ره ) : ( وظهر مما ذكرنا انه لا فرق بين استعمال هذه الكيفية في كلام حق أو باطل ، فقراءة القرآن والدعاء والمراثي بصوت يرجع فيه على سبيل اللهو لا إشكال في حرمتها ولا في تضاعف عقابها لكونها معصية في مقام الطاعة ) . معنى اللهو : ولما كان مناط الحرمة عند الشيخ ( ره ) هو عنوان اللهو ، فلا بد من بيانه فيقول : ( ثم ان المرجع في اللهو إلى العرف والحاكم هو الوجدان ، حيث يكون الصوت المذكور مناسبا لبعض آلات اللهو والرقص ولحضور ما يستلذه القوى الشهوية من كون المغني جارية أو أمرد ) . مؤاخذة على الشيخ ( ره ) : لم يستغرق الشيخ ( ره ) في بيان معنى اللهو ومصاديقه رغم انه جعله المناط في الحكم ، وكان ينبغي ان يوضح معناه خصوصا التفريق بينه وبين الترفيه والتسلية والعبث فان هذه الثلاثة لا شك في حليتها ، والتفريق بين هذه المفاهيم الثلاثة وبين اللهو في غاية الأهمية . على ان الشيخ لم يفرق بين حضور القوى الشهوية واللهو ، والعلاقة بينهما . نعم ، ذكر الشيخ ( ره ) تعريف اللهو والتفريق بينه وبين اللعب واللغو وذلك في بحث حرمة الملاهي حيث يقول : ( ولكن الإشكال في معنى اللهو ، فانه ان اربد به مطلق اللعب كما يظهر من الصحاح والقاموس فالظاهر ان القول بحرمته شاذ مخالف للمشهور والسيرة ، فان اللعب هو الحركة لا لغرض عقلائي ، ولا خلاف ظاهرا في عدم حرمته على الإطلاق نعم لو خص بما يكون من بطر وفسر بشدة الفرح كان الأقوى تحريمه ) ( 7 ) . مستثنيات الحرمة : 1 ـ حدا الإبل : المشهور استثناؤه ، ولكن الشيخ ( ره ) لم يستثنه عن الحرمة على تقدير كونه لهويا لعدم تمامية الدليل على الحلية بعد انطباق العنوان المحرم عليه وهو اللهو . 2 ـ الغناء في الأعراس : ولم يصل الشيخ ( ره ) إلى موقف ، واختار الاحتياط لعدم تمامية أدلة التحليل عنده ، فانه بعدما خدش بسند الروايات الدالة على الحلية وعدم انجبارها بالشهرة ، عاد وقال : ان الإنصاف انه لا يخلو من وثوق ، ثم عاد واختار الاحتياط ( 8 ) . ب ـ رأي فقهاء المسلمين : المشهور بين فقهاء الشيعة حرمة الغناء في الجملة لعنوانه . الخميني ( قده ) : يرى الإمام الخميني ( قده ) ان حرمة الغناء لعنوانه يقول في كتابه ( المكاسب المحرمة ) : ( والإنصاف ان دلالة الطائفتين المتقدمتين ـ أي ما دل على تفسير آية الزور وآية اللهو على حرمة الغناء بذاته لا تأمل فيها ودلت على حرمته بذاته أيضا روايات كثيرة ربما يدعى تواترها ) ( 9 ) . ويقول في ( تحرير الوسيلة ) : ( الغناء حرام فعله وسماعه والتكسب به ) ( 10 ) ، حيث علق الحرمة بنفس عنوان الغناء . من هنا كان تعريف الغناء هو المهم لديه ، لان عنوان الغناء هو المحرم ، فيعرفه : ( وليس هو مجرد تحسين الصوت ، بل هو مده وترجيعه بكيفية خاصة مطربة تناسب مجالس اللهو ومحافل الطرب وآلات اللهو والملاهي ، ولا فرق بين استعماله في كلام حق من قراءة القرآن والدعاء والمرثية وغيره من شعر أو نثر، بل يتضاعف عقابه لو استعمله فيما يطاع به الله تعالى نعم قد يستثنى غنا المغنيات في الأعراس ، وهو غير بعيد ) ( 11 ) . الخوئي ( ره ) : وكما هو المشهور بين الشيعة ، ذهب الإمام الخوئي ( ره ) إلى الحرمة العنوانية ، يقول في مصباح الفقاهة : ( ان الظاهر من الروايات المتظافرة بل المتواترة ( من حيث المعنى ) الناهية عن الغناء وعن جميع ما يتعلق به هو تحريمه بنفسه مع قطع النظر عن اقترانه بسائر العناوين المحرمة ) ( 12 ) . ويظهر منه ان الغناء قسمان : محرم ، ومحلل يقول : ( الغناء حرام إذا وقع على وجه اللهو والباطل بمعنى ان تكون الكيفية كيفية لهوية ، والعبرة في ذلك بالصوت العرفي ، وكذا استماعه ، ولا فرق في حرمته بين وقوعه في قراءة ، ودعاء ، ورثاء ، وغيرها ، ويستثنى منه الحداء وغناء النساء في الأعراس إذا لم يضم إليه محرم آخر من الضرب بالطبل ، والتكلم بالباطل ، ودخول الرجال على النسا وسماع أصواتهن على نحو يوجب تهييج الشهوة وإلاّ حرم ذلك ) ( 13 ) . المذاهب الأربعة : يظهر من معظمهم عدم حرمة الغناء لذاته بل للعناوين الخارجية . فقد نقل الغزالي في الأحياء عن الشافعي : ( لا اعلم أحدا من علماء الحجاز كره السماع ) وقد استدل الغزالي على الجواز برقص الحبشة والزنوج في المسجد النبوي يوم عيد واقرهم الرسول ( صلى الله عليه واله ) ، ثم ذكر ان حرمة الغناء من جهة المحرمات الخارجية . وفي فقه المذاهب ( 2: 42 ) : ( التغني من حيث كونه ترديد الصوت بالألحان مباح لاشي فيه ولكن قد يعرض له ما يجعله حراما أو مكروها ، وعلى هذا منهج تفصيل المذاهب الأربعة ) ثم قال : ( فما عن أبي حنيفة من انه يكره الغناء ويجعل سماعه من الذنوب فهو محمول على النوع المحرم منه ) ( 14 ) . ج ـ رأي خاص : والذي استظهره من مجموع الروايات ، وشتات الكلمات ان المحرم من الغناء : هو خصوص ما أدى إلى فساد القلب ، والروح ، ونبات حب الدنيا والشهوات والضلالة عن سبيل الله . ويدل على ذلك أمور : 1ـ ان المنصرف من الغناء : هو خصوص ما كان شائعا ، وما هو شائع في أيامنا من الغناء المفسد للقلب وللروح ولو من دون طرب ، لان الطرب غاية لهذا النوع من الغناء لا مقوم له ، وقد كثر هذا النوع من الغناء المحرم ( أي ما كان جوه جو فساد ) لدرجة انه لكثرة الأفراد الخارجية منه أصبح هو المنصرف إليه والمراد في الكلام . فان الغناء ـ وان لم يؤد إلى خفة وطيش وفعل ما لا يفعله الحكيم لكنه ينبت النفاق شيئا فشيئا ، الا ترى انه من يحضر مجالس اللهو لا يزني من المرة الأولى ولكنه مع تكرار المجالس قد يزني ، ولذا ورد ان الغناء رقية الزنا ، وكلمة ( رقية ) تفيد ما ذكرنا وكذا فانه لا يصبح منافقا من المجلس الأول ، بل مع تكرار المجالس يصبح منافقا ، وأنانيا ، وينمو لديه حب الشهوات ويضل عن سبيل الله ويقترب من المعاصي ، ويشير إلى ذلك تعبير الإمام ( ع ) : ( ينبت النفاق في القلب ) فان كلمة ( ينبت ) تشير إلى ما ذكرنا وبهذا يرد إشكال ان معظم الغناء لا يطرب ولا يؤدي إلى خفة وطيش ، وهذا الإشكال هو الذي حدى ببعض فقهائنا إلى الذهاب إلى ان الغناء من شانه أو ان الغالب فيه ان يطرب . ويؤيد ما ذكرنا من ان المراد من المطلقات الغناء العرفي الشائع في زماننا وزمانهم ما ورد في رواية محمد بن أبي عباد ( وكان مستهترا بالسماع ) حيث ان هذا النوع من الغناء في عرفهم كان يسمى بالسماع وأطلق عليه السماع رغم ان السماع اعم لغة ، الا ترى إننا في أيامنا هذه نقول : فلان يشرب ونقصد خصوص شرب الخمور مع ان الشرب اعم فإطلاق كلمة ( شرب ) عندما نقول فلان يشرب تنصرف إلى خصوص شرب الخمر . 2ـ كثرة العناوين المنطبقة على الغناء في الروايات ، الزور ، اللهو ، الباطل ، اللغو ، مما يستظهر منه عدم حرمة الغناء لذاته بل لهذه العاوين ، وإلاّ فلماذا يتبع الإمام ـ عند السؤال عن الغناء التحريم بذكر آية اللهو وغيرها ، وكان يتمكن من ذكر الحكم فقط لو كان الغناء محرما لذاته ، وكان الإمام ( ع ) يعلمنا استكشاف هذه المناطات . 3ـ ما ورد من الروايات الدالة على الحلية في الأعراس ، أو في الفطر والأضحى والفرح ، حيث يقول الإمام ( ع ) في الرواية : ( لا باس ما لم يعص به ) ( 15 ) وما ورد من قراءة القرآن بالحان العرب ( وإياكم والحان أهل الفسوق ) والذي نفهمه من الحان أهل الفسوق هو هذا الجو الفاسد الذي يؤدي إلى مرض القلب والبعد عن حب الله والتعلق بالملذات الدنيوية ، وكان الإمام يشير إلى ان هذا الجو هو سبب تحريم الغناء ، ومن هنا تعددت عبارات الفقهاء فقالوا : الغناء ـ على نحو ما تعارف عند أهل الفسوق أو مجالس اللهو والباطل ، ثم يجعلون تعيين اللهو على عاتق العرف والوجدان ، حتى جعلوا هذه الحيثية تقييدية لا تعليلية ، وهو خلاف الظاهر . 4ـ من هنا يرد الإشكال الذي ذكره الإمام الخوئي ( ره ) كما في مصباح الفقاهة انه لو كان تحريم الغناء إنما هو العوارض المحرمة كان الاهتمام بالمنع عنه في هذه الروايات لغوا محضا، لورود النهي عن سائر المحرمات بأنفسها ( 16 ) . والجواب : ان الإمام يركز على الغناء من حيث انه يؤتى به بكيفية هي من أكثر الملاهي المحرمة تأثيرا وانتشارا . الموسيقى : لم أجد لفظة ( الموسيقى ) في النصوص وعند الفقهاء الأقدمين ولعلها معربة من لفظة أجنبية يونانية كما ذكر في المنجد . نعم وردت لفظة ( المعازف ) ، ولذا فالموسيقى علم لم يرد في النصوص ، فيندرج تحت : ( كل شي لك حلال حتى تعلم انه حرام ) نعم وردت الآلات الموسيقية في نصوص كثيرة كالبربط ، والمزمار ، والأوتار ، والطنبور ، والدف ، فلنجعل البحث في نفس الآلات . ونبحث فيه : 1ـ رأي الشيخ ( ره ) . 2ـ رأي المشهور . 1ـ رأي الشيخ الأنصاري ( ره ) : ويظهر منه عدم حرمة الآلات الموسيقية بعنوانها أي ان الآلات بحد ذاتها محللة ، نعم تحرم بعناوين تنطبق عليها أو تلازمها . يقول في كتابه المكاسب : ( ويؤيده ان حرمة اللعب بالات اللهو الظاهر انه من حيث اللهو لا من حيث خصوص الآلة ففي رواية سماعة ( قال أبو عبد الله ( ع ) : لما مات آدم شمت به إبليس وقابيل فاجتمعا في الأرض ، فجعل إبليس وقابيل المعازف والملاهي شماتة بدم على نبينا وآله وعليه السلام ، فكلما كان في الأرض من هذا الضرب الذي يتلذذ به الناس فإنما هو من ذلك ) فان فيه إشارة إلى ان المناط هو مطلق التلهي والتلذذ ) ( 17 ) . ولعله لهذا السبب لم يجعل الشيخ ( ره ) للآلات الموسيقية بابا خاصا . 2ـ رأي المشهور : لم تفرد الكتب الفقهية ، بل وحتى كتب الحديث للآلات الموسيقية مبحثا خاصا فيها ، وغالبا ما أدرجت مع الغناء ، أو مع الملاهي والظاهر عندهم ان حرمة الآلات الموسيقية لا لعنوانها وان وردت في كثير من النصوص كرواية تحف العقول وغيرها ، بل من حيث العناوين الخارجية الطارئة عليها كاللهو، وإلاّ فهي بحد ذاتها محللة وقد ذكرها الفقهاء في باب ما حرم لتحريم ما يراد منه . الرسم والنحت والتصوير : لا شك في ان البحث في حرمتها هو في الحرمة العنوانية ، أي إنها محرمة لذاتها لا لعناوين خارجية أما التصوير الفوتوغرافي فهو أمر متأخر ، والمشهور بين المتأخرين جوازه ، بل يكاد يكون محل اتفاق لولا ما نقل عن بعض الفقهاء . فلننقل الكلام إلى الرسم ، وهو التمثيل غير المجسم ، والنحت وهو المجسم . ونبحث في : 1ـ رأي الشيخ الأنصاري ( ره ) . 2ـ رأي بعض فقها المسلمين . 1ـ رأي الشيخ الأنصاري ( ره ) : نقل الشيخ إجماعا على حرمة تصوير المجسم من ذوات الأرواح بقوله : ( تصوير صور ذوات الأرواح حرام إذا كانت الصورة مجسمة بلا خلاف فتوى ونصا ) ( 18 ) ، وهو إجماع مدركي للروايات الكثيرة الواردة وذهب الشيخ ( ره ) إلى حرمة الرسم والنحت لخصوص ذوات الأرواح يقول في المكاسب : ( المسالة الرابعة : تصوير صور ذوات الأرواح حرام إذا كانت الصورة مجسمة بلا خلاف فتوى ونصا، وكذا مع عدم التجسيم وفاقا لظاهر النهاية وصريح السرائر والمحكي عن حواشي الشهيد والميسية والمسالك وإيضاح النافع والكفاية ومجمع البرهان وغيرهم ، للروايات المستفيضة مثل قوله ( ع ) : نهي ان ينقش شي من الحيوان على الخاتم وقوله ( ع ) : نهي عن تزويق البيوت قلت : وما تزويق البيوت ؟ قال : تصاوير التماثيل : والمتقدم عن تحف العقول : وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثال الروحاني وقوله ( ع ) في عدة أخبار : من صور صورة كلفه الله يوم القيامة ان ينفخ فيها وليس بنافخ ) ( 19 ) . ويعتبر الشيخ ( ره ) قصد الحكاية والتمثيل ، فلو دعت الحاجة إلى عمل شي يكون شبيها بشي من خلق الله ولو كان حيوانا من غير قصد الحكاية فلا باس قطعا) ( 20 ) . ويرد الشيخ على من خصص الحرمة بخصوص المجسم من ذوات الأرواح ـ والقدر المتيقن المجمع عليه هو حرمة المجسم من ذوات الأرواح ويفند أدلتهم ، ثم يتعرض لفروع وهي : التصوير الناقص ، وجواز تصوير الجن والملك ، وجواز الاقتناء والبيع والنظر. وينقل الشيخ قولين آخرين في المسالة : 1ـ حرمة مطلق الرسم والنحت حتى لغير ذي الروح . 2ـ حرمة مطلق النحت ـ أي المجسم لذي الروح وغيره . يقول : ( خلافا لظاهر جماعة حيث إنهم بين من يحكى عنه تعميمه الحكم لغير ذي الروح ولو لم يكن مجسما لبعض الاطلاقات اللازم تقييدها بما تقدم مثل قوله ( ع ) : نهي عن تزويق البيوت وقوله ( ع ) : ( من مثل مثالا ) ، وبين من عبر بالتماثيل المجسمة بناء على شمول التمثال لغير الحيوان كما هو كذلك ، نخص الحكم بالمجسم لان المتيقن من المقيدات للاطلاقات والظاهر منها بحكم غلبة الاستعمال والوجود النقوش لا غير ) ( 21 ) . 2 ـ فقهاء المسلمين : المشهور : ذهب أكثر الفقهاء إلى الحرمة العنوانية للرسم والتجسيم لذوات الأرواح . الخميني ( قده ) : يذهب إلى حرمة خصوص النحت لذوات الأرواح يقول : ( مسالة 12 : يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والحيوان إذا كانت الصورة مجسمة كالمعمولة من الأحجار والفلزات والأخشاب ونحوها والأقوى جوازه مع عدم التجسيم وان كان الاحوط تركه ، ويجوز تصوير غير ذوات الأرواح كالأشجار والأوراد ونحوها ولو مع التجسيم ، ولا فرق بين أنحاء التصوير من النقش والتخطيط والتطريز والحك وغير ذلك ويجوز التصوير المتداول في زماننا بالآلات المتداولة ، بل الظاهر انه ليس من التصوير ، وكما يحرم عمل التصوير من ذوات الأرواح مجسمة يحرم التكسب به واخذ الأجرة عليه ، هذا كله في عمل الصور ، وأما بيعها واقتناؤها واستعمالها والنظر إليها فالأقوى جواز ذلك كله حتى المجسمات ، نعم يكره اقتناؤها وإمساكها في البيت ) ( 22 ) . وللإمام الخميني ( ره ) بحث لطيف جدا والتفاتات لطيفة في هذه المسالة ذكرها في كتابه المكاسب المحرمة ( 23 ) ، وهي نكات والتفاتات تنفع جدا في استنباط الحكم . الخوئي ( ره ) : يذهب إلى حرمة الرسم والنحت لذوات الأرواح فيوافق الشيخ الأنصاري ( ره ) في ذلك فيقول : ( يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والحيوان سواء كانت مجسمة أم لم تكن ويحرم اخذ الأجرة عليه أما تصوير غير ذوات الأرواح كالشجر وغيره فلا باس به ، ويجوز اخذ الأجرة عليه ، أما تصوير غير ذوات الأرواح كالشجر وغيره فلا باس به ، ويجوز اخذ الأجرة عليه ، كما لا باس بالتصوير الفوتوغرافي المتعارف في عصرنا ) ومثله تصوير بعض البدن كالرأس والرجل ونحوهما مما لا يعد تصويرا ناقصا ، أما لو كان كذلك ، مثل تصوير شخص مقطوع الرأس ففيه إشكال أما لو كان تصويرا له على هيئة خاصة : مثل تصويره جالسا أو واضعا يديه خلفه أو نحو ذلك مما يعد تصويرا تاما فالظاهر هو الحرمة ، بل الأمر كذلك فيما إذا كانت الصورة ناقصة ولكن النقص لا يكون دخيلا في الحياة كتصوير إنسان مقطوع اليد أو الرجل ويجوز على كراهة اقتناء الصور وبيعها وان كانت مجسمة وذوات أرواح ( 24 ) . المذاهب الأربعة : في فقه المذاهب ( 25 ) عن المالكية : إنما يحرم التصوير بشروط أربعة : احدها : ان تكون الصورة لحيوان . ثانيها : ان تكون مجسدة وقيدها بعضهم بكونها من مادة تبقى وإلاّ فلا تحرم ، وفي غير المجسدة خلاف ، فذهب بعضهم إلى الإباحة مطلقا ، وبعضهم يرى إباحتها إذا كانت على الثياب والبسط . ثالثها : ان تكون كاملة الأعضاء . رابعها : ان يكون لها ظل . وعن الشافعية : يجوز تصوير غير الحيوان وأما الحيوان فانه لا يحل تصويره وبعد التصوير ان كانت الصورة مجسدة فلا يحل التفرج عليها الا إذا كانت ناقصة ، وغير المجسدة لا يحل التفرج عليها إذا كانت مرفوعة على الجدار ويجوز التفرج على خيال الظل ويستثنى من المذكورات لعب البنات . وعن الحنابلة : يجوز تصوير غير الحيوان ، وأما تصوير الحيوان فانه لا يحل الا إذا كان موضوعا على ثوب يفرش . وعن الحنفية : تصوير غير الحيوان جائز ، أما تصوير الحيوان فانه لا يحل الا إذا كان على بساط مفروش أو كانت الصورة ناقصة . الرقص والتمثيل : لا احد يقول بحرمتهما لعنوانهما وخصوصا التمثيل الذي لم يكن معروفا في زمن النبي ( صلى الله عليه واله ) والأئمة ( ع ) . ولعله لهذا السبب لم يتعرض لهما الشيخ الأعظم ( ره ) في المكاسب وكذا غيره . نعم ذكر الشيخ الأنصاري ( ره ) حرمة الرقص وإنها بعنوان اللهو في معرض كلامه عن اللهو حيث يقول : ( نعم لو خص اللهو بما يكون من بطر ، وفسر بشدة الفرح كان الأقوى تحريمه ، ويدخل في ذلك الرقص والتصفيق والضرب على الطشت بدل الدف ، وكلما يفيد فائدة اللهو ) ( 26 ) . ولعدم وجود حكم خاص بالعنوان فلا معنى لبحث معنى الرقص أو التمثيل . نعم قد يطرأ عليهما احد الأحكام التكليفية الخمسة : ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) بسبب اقترانهما بعنوان خارجي ، أو ملازمتهما بالعنوان الخارجي قد ثبت له احد هذه الأحكام . فقد تطرأ عليهما الحرمة لعنوان خارجي محرم كاللهو والفساد والإضلال عن سبيل الله والإثارة وغير ذلك . بل قد يطرأ عنوان مستحب أو واجب كنشر الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما نجد في أيامنا هذه حيث للمسرح أو للأفلام ـ سواء كانت في السينما أو التلفزيون ـ اثر كبير في توجيه الناس عقائديا وخلقيا ومسلكيا. الشعر والقصة والأدب : لم يحرم الإسلام شيئا منها بل شجعها ، فهي من وسائل البيان والإعلام ، كيف وقد جاء القرآن قمة في بلاغته وفصاحته وتحدى بذلك ، وقد روي عن النبي ( ص ): ( ان من الشعر لحكمة ومن البيان لسحرا ) ، وقد اتخذ النبي ( صلى الله عليه واله ) حسان بن ثابت شاعرا وطلب منه ان يقول شعرا في يوم الغدير وقد انشد الكميت بن زياد ودعبل الخزاعي وغيرهم للائمة ( ع ) ، وهذا ديدن الفقهاء والمتشرعة إلى يومنا هذا . ولذا لا يحرم الشعر ولا القصة بعنوانه بل هو مباح ، بل تطرأ عليه أحكام بحسب العنوان الخارجي المنطبق عليه . نعم ، ورد في القرآن ذم الشعراء : ( والشعراء يتبعهم الغاوون الم تر انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثير أو انتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون ) ( 27 ) . والجواب : انه ذم الشعراء بحسب الجو الشعري الفاسد من كذب ، وغلو في مدح أو ذم ، وعدم مبالاتهم بما يقولون إلى غير ذلك ، ولذا استثنى الذين آمنوا منهم حيث لا يكون في شعرهم شي من الباطل . ورد في سبب نزول آية اللهو : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ) ( 28 ) ان النضر بن حرث كان يخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم ويحدث قريش ويصرفهم عن استماع القرآن . وكان هذه الرواية تفيد عن القصة وسردها . والجواب : ان المحرم هو خصوص ما قصد الضلالة عن سبيل الله إذا كانت اللام للتعليل أو ما أدى إلى ذلك إذا كانت اللام للعاقبة لقوله تعالى : ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) ( 29 ) وهذا عنوان خارجي ، حيث تكون القصة سببا للقرب من الكفر أو القرب من المعاصي . ــــــــــــــــ 1ـ المكاسب المحرمة : 36 . 2ـ الحج : 30 . 3ـ لقمان : 6 . 4ـ الفرقان : 4 . 5ـ الفرقان : 872 . 6ـ اي الامام الرضا (ع ) . 7ـ المكاسب : 54 ، اللهو حرام . 8ـ جميع ما ذكرناه من آرا الشيخ (ره ) ماخوذ من كتابه (المكاسب )، وحتى تقييم الروايات ، فمثل موثقة ابي بصير ضعيفة عند غيره . 9ـ المكاسب المحرمة 1: 308 . 10ـ تحرير الوسيلة 1 : 497 . 11ـ تحرير الوسيلة 1 : 497، المسالة 13 . 12ـ مصباح الفقاهة 1 : 393 . 13ـ منهاج الصالحين 2 : 7، المسالة 17 . 14ـ عن مصباح الفقاهة 1 : 389 . 15ـ وهي رواية ملحقة بالصحيح . 16ـ مصباح الفقاهة 1: 394 . 17ـ المكاسب ، اللهو المحرم : 54 . 18ـ المكاسب : 23 . 19ـ المكاسب : 23 . 20ـ المكاسب : 23 . 21ـ المكاسب : 23 . 22ـ تحرير الوسيلة 1: 428 . 23ـ المكاسب المحرمة 1: 169 ـ 172، ومن ارادها فليراجعها هناك . 24ـ منهاج الصالحين 2: 70. 25ـ 2: 40 . 26ـ المكاسب : 54، مبحث اللهو حرام . 27ـ الشعراء : 227 . 28ـ لقمان : 5 . 29ـ القصص : 8 . http://www.al-shia.org