النبي الأكرم.. مولده.. نسبه.. بعثته.. خصائصه.. ومعجزته
النبي الأكرم.. مولده.. نسبه.. بعثته.. خصائصه.. ومعجزته
0 Vote
193 View
ولادته صلى الله عليه وآله :
ولد فجر يوم الاثنين 17 ربيع الأول من عام الفيل على المشهور عند علماء الإمامية، الموافق لسنة ( 570) ميلادية وقيل غير ذلك . وقد رافقت ولادته صلى الله عليه وآله العديد من المعجزات .
والده عليه السلام :
عبد الله بن عبد المطلب كان من الموحدين وعلى دين اسماعيل وابراهيم مع أبيه عبد المطلب، توفى قبل ولادة النبي صلى الله عليه وآله بأشهر وهو في طريقه لتجارة في الشام .
أمّه عليها السلام :
آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وكان وهب سيد بني زهرة قد خطبها لعبد الله وزوجه بها أبوه عبد المطلب .
كنيته صلى الله عليه وآله : أبو القاسم .
ألقابه صلى الله عليه وآله : الرسول، المختار، المصطفى، طه، الصادق، الأمين ، وغيرها ...
بعثته صلى الله عليه وآله :
نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله في سن الأربعين، في غار حراء، ليكلفه بأمر من الله بالدعوة الإلهية ويكون بشيراً ونذيراً للبشر قال تعالى : {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [البقرة/119]، رحمة من الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور {رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الطلاق/11]، ولم تقتصر رسالة النبي صلى الله عليه وآله على التوحيد والعبادة، وإنما كانت شاملة لجميع مظاهر الحياة ومناهجها .
نقش خاتمه : أشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله .
أبناؤه صلى الله عليه وآله :
1 ـ القاسم : وبه كان يكنى ولد بمكة ومات بها وهو صغير، وأمه خديجة عليها السلام
2 ـ عبد الله : ويلقب بالطيب والطاهر ولد بمكة ومات بها وبعضهم يعد الطيب والطاهر اثنين. وأمه خديجة عليها السلام
3 ـ فاطمة الزهراء عليها السلام، ولدت بمكة بعد البعثة، وأمها خديجة عليها السلام .
أما زينب ورقية وأم كلثوم فقد اختلف في كونهن بناته أم ربائبه .. وهناك بحوث قيمة في هذه المسألة سنتطرق لها في الأبحاث القادمة إن شاء الله ..
4 ـ إبراهيم ولد بالمدينة ومات وهو ابن ثمانية عشر شهراً، أمه مارية القبطية رضي الله عنها .
أشهر أسمائه
ا - محمد
محمد و قد نطق به القرآن المجيد و اشتقاقه من الحمد يقال حمدته أحمده إذا أثبت عليه بجليل خصاله و أحمدته إذا صادفته محمودا و بناء اسمه يعطي المبالغة في بلوغه غاية المحمدة.
2- أحمد :
و من أسمائه أحمد و قد نطق به القرآن أيضا و اشتقاقه من الحمد كأحمر من الحمرة و يجوز أن يكون لغة في الحمد قال ابن عباس رضي الله عنه اسمه في التوراة أحمد الضحوك القتال يركب البعير و يلبس الشملة ويجتزي بالكسرة سيفه على عاتقه.
3- الماحي
ومن أسمائه صلى الله عليه وآله، فعن جبير بن مطعم عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن لي أسماء أنا محمد و أنا أحمد و أنا الماحي يمحى بي الكفر، و قيل يمحى به سيئات من اتبعه و يجوز أن يمحى به الكفر و سيئات تابعيه
4- الحاشر :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : "و أنا الحاشر يحشر الناس على قدمي"
5- العاقب والمقفي :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : "و أنا العاقب و هو الذي لا نبي بعده و كل شي ء خلف شيئا فهو عاقب" . المقفي بمعنى العاقب لأنه تبع الأنبياء يقال فلان يقفو أثر فلان أي يتبعه.
6- الشاهد :
و من أسمائه صلى الله عليه وآله الشاهد لأنه يشهد في القيامة للأنبياء عليهم السلام بالتبليغ على الأمم بأنهم بلغوا قال الله تعالى : {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً} أي شاهدا و قال الله تعالى {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} 7- البشير :
البشير من البشارة لأنه يبشر أهل الإيمان بالجنة .
8- النذير :
النذير لأهل النار بالخزي (نعوذ بالله العظيم [من النار] )
9- الداعي :
الداعي إلى الله لدعائه إلى الله و توحيده و تمجيده
10- السراج المنير :
لإضاءة الدنيا به و محو الكفر بأنوار رسالته كما قال العباس عمه رضي الله عنه يمدحه و أنت لما ولدت أشرقت الأرض و ضاءت بنورك الأفق فنحن في ذلك الضياء و في النور و سبل الرشاد نخترق
11- نبي الرحمة :
قال الله تعالى عز و جل :{وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ} و قال ص إنما أنا رحمة مهداة، و الرحمة في كلام العرب العطف والرأفة والإشفاق وكان بالمؤمنين رحيما كما وصفه الله تعالى و قال عمه أبو طالب رحمه الله يمدحه : و أبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال اليتامى عصمة للأرامل .
12- المتوكل :
وهو الذي يكل أموره إلى الله فإذا أمره الله بشي ء نهض به غير هيوب و لا ضرع و اشتقاقه من قولنا رجل وكل أي ضعيف و كان صلى الله عليه وآله إذا دهمه أمر عظيم أو نزلت به ملمة راجعا إلى الله عز و جل غير متوكل على حول نفسه و قوتها صابرا على الضنك و الشدة غير مستريح إلى الدنيا و لذاتها .
13- القثم :
القثم من أسمائه صلى الله عليه وآله وله معنيان أحدهما من القثم و هو الإعطاء لأنه كان أجود بالخير من الريح الهابة يعطي فلا يبخل و يمنح فلا يمنع .. والوجه الآخر أنه من القثم و هو الجمع يقال للرجل الجموع للخير قثوم و قثم كذا حدث به الخليل فإن كان هذا الاسم من هذا فلم تبق منقبة رفيعة و لا خلة جليلة و لا فضيلة نبيلة إلا و كان لها جامعا قال ابن فارس و الأول أصح و أقرب.
14- الفاتح :
الفاتح لفتحه أبواب الإيمان المنسدة و إنارته الظلم المسودة .
15- الأمين :
و من أسمائه صلى الله عليه وآله الأمين و هو مأخوذ من الأمانة وأدائها و صدق الوعد و كانت العرب تسميه بذلك قبل مبعثه لما شاهدوه من أمانته و كل من أمنت منه الخلف و الكذب فهو أمين .
16- الخاتم :
و من أسمائه صلى الله عليه وآله الخاتم قال الله تعالى خاتَمَ النَّبِيِّينَ من قولك ختمت الشيء أي تممته وبلغت آخره و هي خاتمة الشيء و ختامه و منه ختم القرآن و ختامه مسك أي آخر ما يستطعمونه عند فراغهم من شربه ريح المسك فسمي به لأنه آخر النبيين بعثة و إن كان في الفضل أولا ..
17- المصطفى
18- والرسول
19- والنبي .
وقد شاركه فيها جميع الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، فالمصطفى من الاصطفاء الاختيار وكذلك الصفوة والخيرة إلا أن اسم المصطفى على الإطلاق ليس إلا له صلى الله عليه وآله لأنا نقول آدم مصطفى نوح مصطفى إبراهيم مصطفى فإذا قلنا المصطفى تعين صلى الله عليه وآله و ذلك من أرفع مناقبه وأعلى مراتبه.
و الرسول من الرسالة و الإرسال و النبي يجوز أن يكون من الإنباء و هو الإخبار و يحتمل أن يكون من نبأ إذا ارتفع سمي بذلك لعلو مكانه و لأنه خيرة الله من خلقه.
خصائص النبيّ في القرآن الكريم
بعض الصفات الّتي سنذكرها مشتركة بين النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبين غيره لكنّها موجودة فيه في أعلى درجاتها.
أ أنّ ذكره صلى الله عليه وآله وسلم متقدّم على غيره.
ب أنّه أولى بالاتّصاف بها من غيره.
ج أنّه أكثر اتّصافاً بها من غيره. فمثلاً قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾31 فإنّ العزّة العليا لله عزّ و جلّ لا يشاركه فيها أحد. ثمّ هي لرسوله لا يشاركه في مرتبته أحد. ثمّ هي بعد ذلك للمؤمنين جميعاً.
قال الله سبحانه ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا* وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا﴾32.
فهو صلى الله عليه وآله وسلم:
1 - الشاهد على الخلق في أنّهم هل يطيعون التعاليم الّتي جاء بها أو يعصوها.
2 - و هو المبشّر بالجنّة لمن أطاع الله سبحانه.
3 - و هو النذير بالعقاب لمن عصى الله سبحانه.
4 - و هو الداعي إلى الله بإذن الله سبحانه، أي الداعي إلى طاعته و رحمته.
5 - و هو السراج المنير بالعلم و الحقّ و الهدى.
6 - و هو المرسل رحمة للعالمين. قال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾33.
7 - و هو المرسل إلى كافّة الناس قال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ﴾34. و هو بمعنى الجميع: يعني أرسلناك إلى الناس جميعاً.
8 - و هو رسول الله قال سبحانه: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ﴾35. و قال جلّ جلاله:
﴿رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾36. يعني فيها كتابات ذات قيمة عظيمة و يراد بها القرآن الكريم.
9 - و هو الذكر. قال الله سبحانه: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾37.
10 - و هذه الآية الكريمة و عدد آخر تدلّ أيضاً على أنّه صلى الله عليه وآله وسلم:
التالي. لأنّه يتلو علينا آيات الله مبينات.
11 - و هو أيضاً يخرج الّذين آمنوا و عملوا الصالحات، من ظلمات الغواية والجهل إلى نور الحقّ و العدل. كما سمعنا من الآية نفسها.
12 - و طاعته مقرونة بطاعة الله سبحانه و كلاهما واجبة. قال سبحانه:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ﴾38.
13 - بل طاعته صلى الله عليه وآله وسلم هي طاعة الله سبحانه، قال تعالى:
﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾39.
14 - و الاستجابة إليه مقرونة بالاستجابة لله سبحانه. قال تعالى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ﴾40. و قال جلّ جلاله: ﴿اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾41.
15 - و الإيمان به صلى الله عليه وآله وسلم مقرون بالإيمان بالله جلّ جلاله قال سبحانه: ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا﴾42.
16 - و ولايته مقرونة بولاية الله تعالى. قال جلّ جلاله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾43. و قال سبحانه:﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾44.
17 - و فضله مقرون بفضل الله قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ﴾45. و قال سبحانه: ﴿وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ﴾46.
18 - و صدقه مقرون بصدق الله سبحانه. قال سبحانه: ﴿وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾47.
19 - و نصره مقرون بنصر الله سبحانه، قال جلّ جلاله: ﴿وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾48.
20 - و عزّته مقرونة بعزّة الله سبحانه، قال تعالى:﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾49.
21 - و الكفر به مقرون بالكفر بالله سبحانه. قال جلّ جلاله:﴿إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾50.
22 - و عصيانه مقرون بعصيان الله سبحانه قال تعالى:﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾51.
23 - و شقاقه، أي المعاندة ضدّه، مقرونة إلى الشقاق ضدّ الله سبحانه، قال الله عزّ و جلّ:﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾52.
24 - و محادته، أي الكيد له و العمل ضد أهدافه، مقرونة بمحادة الله تعالى.
قال جلّ جلاله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ﴾53. و قال سبحانه:﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾54.
25 - و حربه مقرون بحرب الله سبحانه، قال تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ﴾55. أي توقّعوا ذلك.
26 - و محاربته مقرونة بمحاربة الله سبحانه. قال جلّ جلاله:﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا﴾56.
27 - و براءته مقرونة ببراءة الله سبحانه، قال تعالى: ﴿بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ﴾57.
28 - و رضاؤه مقرون برضاء الله جلّ جلاله، قال تعالى: ﴿وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ﴾58.
29 - و إيذاؤه مقرون بإيذاء الله سبحانه، قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾59.
30 - و عهده مقرون بعهد الله تعالى، قال جلّ جلاله: ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ﴾60.
(ستأتي تكملة لبعض الخصائص في الدرس التاسع "دفاعٌ عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم " ص116)
معجزته
واليوم وبعد مرور القرون العديدة لا يزال القرآنُ يتحدّى الجميع ويقول: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الاِنسُ والجِنُّ على أنْ يَأْتوا بِمثْلِ هذَا القرآنِ لا يَأتونَ بَمثلهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لبعضٍ ظهيراً} ( الإسراء/ 88)
وفي موضع آخر يقول ـ وهو يقنع بأقلّ من ذلك ـ : {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْر سُوَرٍ مِثلِهِ مُفْتَرَياتٍ} (هود | 13) {فَأْتُوا بِسُورةٍ مِنْ مِثْلِهِ}( البقرة | 23)
إنّنا نعلمُ أنّ أعداء الإسلام لم يألوا جُهداً طيلة (15) قرناً من بدء ظهور الإسلام من توجيه الضربات إليه، ولم يفتروا عن محاولة إلحاق الضرر بهذا الدين، والكيد له بمختلف ألوانِ الكيد، وحتى أنّهم استخدموا سلاح اتّهام رسولِ الإسلام بالسّحرِ، والجنون، وما شابه ذلك، ولكنّهم لم يَستطيعوا قطّ مقابلةَ القرآن الكريم، ومعارضته فقد عجزوا عن الإتيان حتى بآية قصيرة مثل آياته.
والعالمُ اليوم مجهَّزٌ كذلك بكل أنواع الأفكار والآلات، ولكنّه عاجز عن مجابهة هذا التحدّي القرآنيّ القاطع، وهذا هو دليلٌ على أنّ القرآنَ الكريمَ فوق كلامِ البشر.
وقد كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله معاجزُ مختلفة ومتعدّدة دُوّنَتْ في كُتُب التاريخ والحديث، ولكنّ المعجزة الخالدة التي تَتَلألأُ من بين تلك المعاجز في جميع العُصُور والدهور هو القرآن الكريم، والسرُّ في اختصاص رسول الإسلام صلى الله عليه وآله بمثل هذه المعجزة من بين جميع الأنبياء، هو أنَّ دينه دينٌ خاتِمٌ، وشريعَتهُ شريعةٌ خاتمةٌ وخالدةٌ، والدينُ الخالدُ والشريعة الخاتمة بحاجة إلى معجزةٍ خالدةٍ لتكون برهانَ الرسالة القاطع لكلِ عصرٍ وجيلٍ، ولتستطيع البشرية في جميع القرون والدُّهور أنْ ترجع إليه مباشرةً من دون حاجةٍ إلى شهاداتِ الآخرين وأقوالهم.
إنّ القرآنَ الكريم يتّسمُ بصفة الإعجاز مِن عدة جهات، يحتاج البحث فيها بتفصيلٍ، إلى مجالٍ واسعٍ لا يناسب نطاق هذه الرسالة، ولكنّنا نشير إليها على نحو الإيجاز:
في عصر نزول القرآن الكريم كان أوّلُ ما سَحَر عيونَ العرب، وحيّر أرباب البلاغة والفصاحة منهم جمالُ كلمات القرآن، وعجيبُ تركيبه، وتفوّقُ بيانه، الذي يُعبَّر عن ذلك كله بالفصاحةِ والبلاغة.
إنّ هذه الخصُوصية كانت بارزةً ومشهودةً للعرب يومذاك بصورةٍ كاملةٍ، ومن هنا كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله ـ بتلاوة آيات الكتاب، مرةً بعد أُخرى، وبدعوته المكرّرة إلى مقابلته والإتيان بمثله إن استطاعوا ـ يدفع عمالقة اللغة والأدب، وأبطال الشعر وروّاده، إلى الخضوع أمام القرآن، والرضوخ لعظمة الإسلام، والاعتراف بكون الكلام القرآنيّ فوق كلامِ البشر.
فها هو «الوليد بن المغيرة» أحد كبار الشعراء والبلغاء في قريش يقول ـ بعد انْ سمع آياتٍ من القرآنِ الكريمِ تلاها عليه رسولُ الإسلام، وطُلب منه أنْ يبدي رأيه فيهاـ : «وَوالله إنّ لِقَوله الّذي يقولُ لَحلاوةً، وإنّ عليه لطَلاوةً، وإنّه لَمُثْمرٌ أَعلاهُ، مُغدِقٌ أَسْفَلُهُ، وإنّه لَيَعْلُو وما يُعلى»( مستدرك الحاكم 2 | 50 .)
وليس «الوليدُ بن المغيرة» هو الشخص الوحيدُ الذي يحني رأسه إجلالاً لجمال القرآن الظاهري، ولجلاله المعنوي، بل ثمة بلغاء غيره من العرب مثل: «عتبة بنِ ربيعة» و «الطفيلِ بن عمرو» أَبدَوا كذلك عجزَهم تجاه القرآن، واعترَفُوا بإعجاز القرآن الأدبي.
على أنّ العَرَب الجاهليين نَظَراً لِتَدَنّي مستوى ثقافتهم لم يُدرِكوا من القرآن الكريم إلاّ هذا الجانبَ، ولكن عندما أشرقت شمسُ الإسلام على رُبع الكرة الأرضية، وعَرَفَتْ به جماعاتٌ بشريةٌ أُخرى اندفعَ المفكّرون إلى التدبّر في آيات هذا الكتاب العظيم، ووقفوا مضافاً إلى فصاحَته وبلاغته، وجمال أسلوبه، وتعبيره، على جوانب أُخرى من القرآنِ الكريم والتي يكون كلُ واحدة منها بصورة مستقلّة خيرَ شاهدٍ على انتمائه إلى العالم القدسيّ، ونشأتهِ من المبدأ الأعلى للكون.
وهكذا تنكشف في كلّ عَصر جوانب غير متناهية لهذا الكتاب العظيم.
وفاته صلى الله عليه وآله :
كانت يوم الاثنين (28) صفر المظفر على المشهور بين علماء الإمامية، وذلك في سنة (11) من الهجرة، وكان عمره ثلاث وستون سنة . ودفن صلى الله عليه وآله في حجرته داخل المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة .
النهایة
http://iraq.shafaqna.com
العناوين ذات الصلة
الرسول الأعظم (ص) يبشر بظهور الإمام المهدي (ع)
الكنز الخفي في كرامات الامام علي عليه السلام
تحف العقول عن آل الرسول (ص)
تأملات في طبيعة المعجزة وشخصية النبي (ص) عرض وحوار
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار ج 52
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار ج 51
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار ج 50