من هم أهل البيت عليهم السلام
من هم أهل البيت عليهم السلام
0 Vote
238 View
يقول الله تعالى في محكم كتابه:﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾(1). إنّ أهل البيت عليهم السلام هم أولو الأمر الّذين أمر الله بطاعتهم، وهم الشهداء على الناس، وهم أبواب الله والسبيل إليه، والأدلاء عليه، وهم عيبة علمه، وتراجمة وحيه، وأركان توحيده، وهم معصومون من الخطأ والزلل، وهم الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وأنّ لهم المعجزات والدلائل، وهم أمان لأهل الأرض، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، ومثلهم في هذه الأمّة كمثل سفينة نوح. وقد ورد أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بقي ستّة أشهر بعد نزول هذه الآية ينادي عند مروره من جنب بيت فاطمة عليه السلام وهو ذاهب إلى صلاة الصبح: "الصلاة يا أهل البيت ! إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً"(2). فيمن نزلت آية التطهير؟ إنّ هذه الآية بالرغم من أنّها وردت ضمن الآيات المتعلّقة بنساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، إلّا أنّ تغيير سياقها - حيث تبدّل ضمير الجمع المؤنث إلى ضمير الجمع المذكر - دليل على أنّ لهذه الآية معنى ومحتوى مستقلّاً عن تلك الآيات، ولهذا فحتّى أولئك الّذين لم يعتبروا الآية مختصّة بمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليه السلام ، فإنّهم اعتقدوا أنّ لها معنى واسعاً يشمل هؤلاء العظام ونساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. ولكنّ الروايات الكثيرة الّتي بين أيدينا تبين أنّ هذه الآية خاصّة بهؤلاء الأجلاء، ولا تدخل الزوجات ضمن الآية، بالرغم من أنهنّ يتمتعن باحترام خاصّ، و من هذه الروايات: روي عن أمّ سلمة، أنّها قالت: "نزلت في بيتي وفيه عليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، عليهم السلام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عباءة فجلّلهم بها، ثمّ قال: هؤلاء، أهل بيتي، أذهب الله عنهم الرجس، وطهّرهم تطهيرا، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألست من أهل البيت؟ فقال: إنّك على خير"(3). وعن ابن عباس: "أنّها نزلت في عليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام ". وقد وردت روايات كثيرة جدّاً بصورة مجملة في شأن حديث الكساء الّذي كان المناسبة لنزول آية التطهير، يستفاد منها جميعاً أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام - أو أنّهم أتوا إليه- فألقى عليهم عباءة وقال: "اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فنزلت الآية: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (4). ما هو الهدف من جمعهم تحت الكساء؟ إنّ قصّة الكساء لها أبعاد إيمانيّة ولطائف نورانيّة عظيمة، حيث إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جمع أهل بيته عليه السلام تحت كسائه كما يجمع الأب أولاده في حضنه ليقيهم البرد ويشعرهم بالأمان والمحبّة، مشيراً في ذلك إلى عظمة وقدسيّة من هم تحت الكساء، كذلك أراد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يحدّد هؤلاء ويعرّفهم تماماً، وليقول: إنّ الآية نزلت في حقّ هؤلاء خاصّة، لئلا يرى أحد أو يظنّ ظانّ أنّ المخاطب في هذه الآية كلّ من تربطه بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قرابة، وكلّ من يعدّ جزءاً من أهله، حتّى جاء في بعض الروايات أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قد كرّر هذه الجملة ثلاث مرّات: "اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً"(5). هذا هو مراد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من حصرهم تحت الكساء، ومنع حتّى أمّ سلمة من الدخول معهم، كما ورد في روايات كثيرة، قاطعاً بذلك العمل الأبويّ الطريقَ على كلّ ادعاء بشمولها لغيرهم. هم الخلفاء بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إنّ أهل البيت عليهم السلام الّذين ورثوا علم النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، وتحلّوا بأخلاقه، وعاشوا تحت رعايته واهتمامه، وهم الّذين حملوا راية الإسلام واستشهدوا في سبيلها، وهم الّذين نُصّبوا بأمرٍ إلهيٍّ، واختيروا من العليّ الأعلى ليكونوا قادة وسادة أهل الوجود، فمع كلّ هذه الكرامات والشمائل أيُعقل أن لا يكونوا هم الخلفاء والأوصياء بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ؟ وهم الأحقّ والأجدر بقيادة الأمّة نحو الله عزّ وجلّ، وهم الامتداد للخطّ النبويّ هذا كما جاء على لسان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "في كلّ خلف من أمّتي عدل من أهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وأنّ أئمّتكم وقودكم إلى الله عزّ وجلّ فانظروا من توقدون في دينكم"(6). وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "مثل أهل بيتي، كمثل نجوم السماء، فهم أمان لأهل الأرض، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم، طويت السماء، وإذا ذهب أهل بيتي خربت الأرض"(7). وقوله: "يا عليّ الإمامة فيكم، والهداية منكم"(8). وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ من أهل بيتي اثني عشر نقيباً نجباء، محدّثون، مفهّمون، آخرهم، القائم بالحقّ عليه السلام "(9). وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله تعالى اختار من الأيّام يوم الجمعة ومن الشهور شهر رمضان ومن الليالي ليلة القدر، واختار من الناس الأنبياء والرسل، واختارني من الرسل واختار منّي عليّاً، واختار من عليّ الحسن والحسين، واختار من الحسين الأوصياء يمنعون عن التنزيل تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأوّل الجاهلين، تاسعهم باطنهم ظاهرهم قائمهم وهو أفضلهم"(10). من هم أهل البيت عليهم السلام أهل البيت عليهم السلام هم الّذين جعل الله مودتهم أجر الرسالة، فقال تعالى: ﴿لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾(11). وقد ورد أنّه اجتمع المشركون في مجمع لهم، فقال بعضهم لبعض: أترون محمّداً يسأل على ما يتعاطاه أجراً؟ فنزلت الآية. فقيل: يا رسول الله ! من قرابتك هؤلاء الّذين وجب علينا مودّتهم؟ قال: "عليّ وفاطمة، وابناهما، حرمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكملاً للإيمان، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة. ثمّ منكر ونكير. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فُتح له بابان في قبره إلى الجنّة، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة. ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة"(12). سفينة نوح وأمّا السفينة الّتي قدّرها الله تبارك وتعالى لنوح عليه السلام سبباً لنجاة من آمن معه من الماء، فإنّ الله سبحانه وتعالى جعل أهل بيت نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم سفينة لنجاة أمّته من النار فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق"(13). وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق. وإنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل من دخله غفر له"(14). بيّن صلى الله عليه وآله وسلم بذلك أنّ بهم نجاة أمّته كما كان بها نجاة قوم نوح عليه السلام من الغرق، وهذا دليل قاطع على أنّ الواجب اتباعهم والاقتداء بهم، لأنّ من آمن به واتبعه نجا، ومن لم يؤمن به ولم يركب السفينة هلك، ولمّا جعل نفس أهل بيته السفينة، وأمرهم بركوبها، دلّ على أنّهم المقتدى بهم، وهذا واضح وظاهر من الرواية. وممّا يأخذ بالأعناق إلى أهل البيت عليهم السلام ، ويضطرّ المؤمن إلى الانقطاع في الدين إليهم، قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمّتي من الاختلاف (في الدين) فإذا خالفتها قبيلة من العرب - يعني في أحكام الله عزّ وجلّ - اختلفوا فصاروا حزب إبليس"(15). هذا غاية ما في الوسع من إلزام الأمّة باتباعهم، وردعها عن مخالفتهم. ولا يوجد في لغات البشر كلّها أدلّ من هذا الحديث على ذلك. غدير خم وحكمة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إنّ النجاح النبويّ الساحق يظهر بإبراز من سيخلفه في الوقت نفسه الّذي كان فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يركّز على حقيقة وطبيعة المكانة الخاصّة المميّزة الّتي اختارها الله لأهل بيته، فكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يسلّط أضواء ربانيّة خاصّة على الأئمّة من أهل بيت النبوّة، فيقدّمهم من خلال تركيزه الخاصّ عليهم كقادة شرعيّين للأمّة، وقد ساق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخطّين معاً، فعمّم المكانة السامية لأهل بيت النبوّة، وأبرز المكانة الخاصّة للأئمّة الأعلام منهم. فبيّن أنّ أهل بيت النبوّة هم المطهّرون، وهم أولو القربى الّذين فرض الله مودّتهم، وهم الأبناء والنساء والأنفس الّذين عنتهم آية المباهلة، وهم الأبرار الّذين عنتهم آية الإطعام، وهم أولو الأمر الّذين فرض الله طاعتهم، وهم أهل الذكر... إلخ. ولأنّ منصب من يخلف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هو حجر الأساس لنظام الحكم في الإسلام، ولقطع الطريق على أعداء الله السابقين الّذين تستّروا بالإسلام، وحتّى لا تكون لهم حجّة يحتجّون بها أمام الله، فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن ينصّب ويتوّج عليّاً عليه السلام إماماً من بعده، وأن يكلّف المسلمين بمبايعته فرداً فرداً تحت إشراف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شخصيّاً، فصدع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأمر ربّه بعد أن أكمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون شعائر فريضة الحجّ، ولأنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أعلن بأنّ حجّته تلك هي حجّة الوداع، وأنّه لن يراهم أبداً بعد هذا العام، فقد تعلّقت به القلوب والأبصار، وأرادوا أن يتزودوا من النظر إليه، وأن يسمعوا كلّ كلمة يقولها. خرج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من مكّة متوجّهاً إلى المدينة، وتبعته وفود الحجيج، وفي مكان يِدعى غدير خم، أناخ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ركابه، وأمر بردّ الّذين سبقوه بالسير، وباستعجال الّذين تأخّروا عنه، وأحيط المسلمون علماّ بأنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سيصدر بيانه الأخير، وتلخيصه للموقف، من خلال خطبة سيلقيها أمام الجموع. واحتشد المسلمون بالفعل في غدير خم وجاوز عددهم بأقل التقديرات مائة ألف مسلم ومسلمة، وبعد قليل ظهر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وإلى جانبه عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، والناس جلوس، والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ في حالة وقوف، في مكان مكشوف ومرئيّ من كلّ الناس. خشعت الأصوات، فلا تسمع همساً، العيون معلّقة بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبعليّ والجميع يتساءلون، لماذا جمع رسول الله الناس؟ ! وأي أمر خطير يريد أن يعلنه؟ حمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، الله وأثنى عليه ثمّ قال: "كأنّي قد دعيت فأجبت... أيّها الناس إنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب !..". لقد تأكّد المسلمون السامعون من أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سيموت لا محالة، فتابعوا بشغف واهتمام كلّ كلمة كانت تخرج من فم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. ثمّ تابع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خطبته قائلاً: "وإنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه النور والهدى فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، وعترتي أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي". وفجأة سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجموع المسلمة المحتشدة أمامه قائلاً: "أيّها الناس من وليّكم؟" فردّت الجموع بصوت واحد: "الله ورسوله"، وهنا أخذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بيد عليّ عليه السلام فأقامه ثمّ قال: "من كان الله ورسوله وليّه فهذا عليّ وليّه، الّلهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه". ومرّة أخرى سأل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين: "ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقال المسلمون: بلى! وسألهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثانية: ألستم تعلمون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ فقال المسلمون بلى، فرفع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يد عليّ بن أبي طالب" وقال: "من كنت مولاه فعليّ مولاه، الّلهمّ وال من والاه وعاد من عاداه". ثمّ قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "أيّها الناس إنّي وليّكم، قال الناس نعم، فرفع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يد عليّ بن أبي طالب" وقال: "هذا وليّي ويؤدّي عني، وأنا موال من والاه، ومعاد من عاداه". ثمّ أكّد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الحقيقة الّتي اتّفق عليها الجميع فقال: "إنّ الله، مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، الّلهمّ وال من والاه وعاد من عاداه". بعد أن انتهت مراسم تنصيب وتتويج من سيخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، هبط جبريل ومعه آية الإكمال ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾(16) وصار يوم الغدير عيداً. وفي الختام علينا أن نعلم أنّ الله عزّ وجلّ الّذي جعل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نبيّاً هو الّذي جعل علياً إماماً، وأن نصب الإمام وإقامته واختياره إلى الله عزّ وجلّ، وأنّ فضله منه. ويجب أن نعتقد أنّه يلزمنا من طاعة الإمام ما يلزمنا من طاعة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنّ كلّ فضل آتاه الله عزّ وجلّ نبيّه فقد آتاه الإمام إلّا النبوّة، ويجب أن نعرف أنّ بهم فتح الله، وبهم يختم. حديث جابر مع السيّدة الزهراء عليها السلام عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبي عليه السلام لجابر بن عبد الله الأنصاري: إنّ لي إليك حاجة فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها، فقال له جابر: في أيّ الأوقات شئت، فخلى به أبو جعفر عليه السلام ، قال له: "يا جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما أخبرتك به أنّه في ذلك اللوح مكتوباً، فقال جابر: أشهد بالله أنّي دخلت على أمّك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهنّئها بولادة الحسين عليه السلام فرأيت في يدها لوحاً أخضر ظننت أنّه من زمرّد، ورأيت فيه كتابة بيضاء شبيهة بنور الشمس، فقلت لها: بأبي أنت وأميّ يا بنت رسول الله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح أهداه الله عزّ وجلّ إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فيه اسم أبي واسم بعّلي واسم ابني وأسماء الأوصياء من ولدي، فأعطانيه أبي ليسرّني بذلك. قال جابر: " فأعطتنيه أمّك فاطمة عليهما السلام فقرأته وانتسخته فقال له أبي عليه السلام: فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ؟ فقال: نعم، فمشى معه أبي عليه السلام حتّى انتهى إلى منزل جابر فأخرج إلى أبي صحيفة من رقّ، فقال: يا جابر انظر أنت في كتابك لأقرأه أنا عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه عليه أبي عليه السلام فوالله ما خالف حرف حرفاً، قال جابر: فإنّي أشهد بالله أنّي هكذا رأيته في اللوح مكتوباً: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمّد نوره وسفيره وحجابه ودليله، نزل به الروح الأمين من عند ربّ العالمين، عظّم يا محمّد أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا قاصم الجبّارين "ومبير المتكبّرين ومذلّ الظالمين وديّان يوم الدين، إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا فمن رجا غير فضلي، أو خاف غير عدلي عذّبته عذاباً لا أعذّبه أحداً من العالمين، فإيّاي فاعبد وعليّ فتوكّل، إنّي لم أبعث نبيّاً فأكملت أيّامه وانقضت مدّته إلّا جعلت له وصيّاً وإنّي فضلتك على الأنبياء، وفضلت وصيّك على الأوصياء وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين، وجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه، وجعلت حسيناً خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامّة معه، والحجّة البالغة عنده، بعترته أثيب وأعاقب، أولهم عليّ سيد العابدين، وزين أوليائي الماضين، وابنه سمّي جدّه المحمود، محمّد الباقر لعلمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر الراد عليه كالراد عليّ، حقّ القول منّي لأكرمنّ مثوى جعفر، ولأسرّنه في أوليائه وأشياعه وأنصاره وانتحبت بعد موسى فتنة عمياء حندس، لأنّ خيط فرضي لا ينقطع وحجّتي لا تخفى، وأنّ أوليائي لا يشقون أبداً، ألا ومن جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي، ومن غيّر آية من كتابي فقد افترى عليّ، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي، (ألا) إنّ المكذّب بالثامن مكذّب بكلّ أوليائي. وعليّ ولييّ وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوّة وأمتحنه بالاضطلاع، يقتله عفريت مستكبر، يدفن بالمدينة الّتي بناها العبد الصالح ذو القرنين إلى جنب شرّ خلقي، حقّ القول منّي لأقرّن عينه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده، فهو وارث علمي ومعدن حكمتي وموضع سرّي وحجتي على خلقي، جعلت الجنّة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسعادة لابنه عليّ وليّي وناصري، والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن، ثمّ أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيّوب، ستذلّ أوليائي في زمانه ويتهادون رؤوسهم كما تهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض من دمائهم، ويفشو الويل والرنين في نسائهم أولئك أوليائي حقّاً، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل، وأرفع عنهم الآصار والأغلال، أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"(17). المصادر : 1- سورة الأحزاب، الآية: 33 2- شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني،ج 2، ص11 3- بحار الأنوار، م.س، ج25،ص214 4- شواهد التنزيل، ج 2، ص31 5- الدر المنثور، السيوطي، ج5، ص198 6- بحار الأنوار،ج23،ص30 7- المعتبر، المحقق الحليّ، ج1، ص24 8- م.ن، ج1، ص24 9- الكافي، ج 1، ص 448،ح 18 10- بحار الأنوار،ج25،ص363 11- سورة الشورى،الآية: 23 12- تفسير الكشّاف،ج 2، ص339/ أرجح المطالب: ص 320، وفرائد السمطين،ج 2،ص49، ومقام أمير المؤمنين،ص 44 - 45 13- أخرجه الحاكم بالإسناد إلى أبي ذر ص 151 من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك 14- أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد وهذا هو الحديث 18 من الأربعين الخامسة والعشرين من الأربعين أربعين للنبهاني ص 216 من كتابه الأربعين أربعين حديثاً 15- أخرجه الحاكم في ص 149 من الجزء الثالث من المستدرك عن ابن عباس. 16- سورة المائدة، الآية 3 17- كمال الدين وتمام النعمة،الشيخ الصدوق،ص311 http://ar.rasekhoon.net/