المؤمن
المؤمن
المؤلف :
(0 الأصوات)
(0 الأصوات)
المؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على ما أولانا إيمانا خالصا كما آمن به الانبياء والمرسلون، والعارفون الموحدون، ويقينا صادقا كما صدقته الملائكة المقربون، والاولياء والصالحون. وسلام على المرسلين الذين بلغوا رسالات ربهم، وهو على ما أصابهم في دعوتهم صابرون، اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، واولئك هم المهتدون، الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون. والصلاة والسلام على خير خلق الله الاطهار المصطفين، محمد وآله سادة الخلق أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الذين صبروا وصابروا في ولائهم لاهل البيت المنتجبين، واوذوا وقتلوا وحرقوا ونفوا عن ديارهم ولا زالوا بحبلهم متمسكين، الذين قال فيهم الامام الصادق عليه السلام: " نحن صبر وشيعتنا أصبر منا، وذلك أنا صبرنا على ما نعلم، وصبروا هم على ما لايعلمون " اولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. واللعنة الدائمة الماحقة لاعدائهم أجمعين، الذين يخادعون الله وما يخدعون إلا أنفسهم، فحملوا ظهورهم وزر البرايا، ألا ساء ما يزرون. إن ما أجمع عليه، أن للايمان منازل ودرجات، ومراقي عاليات، وللمؤمنين الممتحنين صفات مخصوصات، جعلتهم في الناس مميزين كبدورنيرات، ولاخلاق العوام كارهين بل نابذين، قد يحسبهم الرائي مرضى وما بالقوم من مرض، ولكنهم من خوف الله وجلون، كأنهم قد خولطوا، ولقد خالطهم أمر عظيم، لما كشف لهم من العذاب الاليم للمجرمين، والنعيم المقيم للصالحين، فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون، كلما تلوا سورا من القرآن العظيم. هؤلاء الذين هجرت عيونهم في الليل غمضها، وأدت أنفسهم إلى بارئها فرضها، حتى إذا غلب عليها الكرى، افترشت أرضها، وتوسدت كفها، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاههم،اولئك الذين وصفهم أمير المؤمنين سلام الله عليه بقوله: مره 1 العيون من البكاء، خمص البطون من الصيام، صفر الالوان من السهر، على وجوههم غبرة الخاشعين، اولئك إخواني الذاهبون، فحق لنا أن نظمأ إليهم، ونعض الايدي على فراقهم. والمؤمن كلما اقترب من ربه منزلة أتحفه الله بأنواع المصائب والبلايا، فتتوالى عليه من كل مكان، وتسدد قسيها إليه من كل جانب، وهل البلاء إلا لمن أخلص لله وآمن به، الامثل فالامثل، ليجزيه الله الجزاء الاوفر. وقد مر موضوع شدة الابتلاء وأنواعه في مقدمة كتاب " التمحيص " فلا حاجة لاعادته، وسترد أحاديث اخرى في كتابا هذا تنير الطريق لسالكيه، وتشرح القلوب التي في الصدور، مستقاة من معين أهل البيت الرحمة عليهم السلام، الذين هم أعرف بعلل النفوس وأمراضها، ووساوس الشياطين وأدرانها، فيعينوا الداء، ويصفوا الدواء، جعلنا الله من المتمسكين بحبل ولايتهم، المقبولة أعمالهم، المغفورة ذنوبهم، الهانئين بشربة روية من حوض كوثرهم، الفائزين بشفاعتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.