تأثير القرآن على القلب

  القرآن یحدثنا عن تأثیر الاستماع إلى آیاته على القلب، والعلماء الیوم یؤکدون أهمیة الاستماع إلى الأصوات التی یحبها الإنسان لعلاج قلبه من النوبات القلبیة، بل ولعلاج معظم الأمراض. الحکمة ضالة المؤمن أینما وجدها أخذ بها، والقرآن فیه شفاء للمؤمن وخسارة للکافر، یقول تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ وَلَا یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلَّا خَسَارًا) (1). وربما یعترض بعض الملحدین إذا قلنا له إن صوت القرآن یؤثر على القلب ویجعله مستقراً وهذا ما عبر عنه القرآن بقوله تعالى: (الَّذِینَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِکْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِکْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (2) ولکن الاکتشاف الجدید أن أطباء من فنلندا عرضوا 60 مریضاً یعانون من نوبة قلبیة إلى صوت الموسیقى ووجد أن للموسیقى أثر فی شفاء القلب وزیادة مقاومته للمرض. ویقول الباحث Teppo Sarkamo من جامعة هلسنکی: الموسیقى یمکن أن تکون مهمة جداً لمرضى القلب والذین یعانون من نوبات قلبیة وهی مادة رخیصة لا تکلف شیئاً. لقد وجدوا أن النوبات القلبیة التی یتعرض لها المریض تؤثر سلبیاً على إدراکه وذاکرته، ولکن بعد أن تم وضع کل مریض فی الجو الموسیقی الذی یرغب به أو الذی یرتاح لسماعه حدث تحسن ملموس فی مستوى الذاکرة، واستقرار فی أداء القلب. ویؤکد الباحثون إن هذا البحث وللمرة الأولى یظهر تأثیر الاستماع إلى الأصوات المرغوبة من قبل المریض وأثر هذه الترددات الصوتیة على قلبه وبخاصة بعد تعرضه للنوبة القلبیة مباشرة. حتى إن بعض هؤلاء الباحثین بدأ ینظر إلى أهمیة الصوت فی علاج المشاکل النفسیة العصبیة مثل مشاکل النطق التی عجز الطب عن علاجها. قالوا إن بعض الترددات الصوتیة تؤثر على مناطق معینة من الدماغ فتنشط الخلایا وتجعلها أکثر قدرة على العمل بکفاءة وترفع من قدرة نظام المناعة لدى المریض. ویتساءل هؤلاء الباحثین عن سر تأثیر الترددات الصوتیة على خلایا القلب والدماغ. قلب الإنسان هو ذلک الجزء الصغیر والذی حیَّر العلماء ولازال یحیرهم. ففی کل یوم تکتشف لنا الأبحاث الطبیة شیئاً جدیداً عن القلب وأمراضه وعلاجه وتأثیره الحاسم على حیاة الإنسان. وکما نعلم إذا کان قلب الإنسان بخیر فلا بد أن بقیة أعضاء جسده ستکون بخیر. أما إذا اختل توازن هذه العضلة فإن ذلک سیؤثر على الجسم کله. یعتبر القلب مضغة دم من الدرجة الأولى یضخ کل یوم ثمانیة آلاف لیتر من الدم! و یقوم بأکثر من ألفی ملیون ضربة! هذا الجزء المهم من جسد الإنسان یُعدُّ بمثابة المحرک للدورة الدمویة، ونحن نعلم بأن الدم یقوم بحمل الغذاء والأوکسجین لجمیع أنحاء الجسم ویعود بالفضلات والسموم لیطرحها. وهذا یعنی أن تعطل القلب وحرکته أو حدث أی خلل فیه سیؤدی ذلک إلى خلل فی الدورة الدمویة وبالتالی خلل فی نظام غذاء أجهزة الجسم وبالنتیجة سوف یمتد الخلل لکافة أعضاء الجسد. إذن صلاح هذه المضغة وهی القلب یعنی صلاح الجسد کله، وفسادها یعنی فساد الجسد کله. هذه الحقیقة العلمیة الیقینیة تحدث عنها البیان النبوی قبل أربعة عشر قرناً! یقول الرسول الکریم علیه وعلى آله الصلاة والتسلیم: (ألا إن فی الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد کله، وإذا فسدت فسد الجسد کله ألا وهی القلب) (3) . هذا الحدیث موافق للحقائق الطبیة الحدیثة والتی تقرر الأهمیة الفائقة للقلب وصحته وسلامته وتأثیر ذلک على جسد الإنسان وصحته بشکل کامل. إن مرض تضیق الشرایین والذبحة الصدریة یعتبر سبباً أساسیاً فی وفاة کثیر من البشر. حتى إننا نجد علوم التغذیة والطب الحدیث والطب الواقی جمیعها یرکز اهتمامه على أهمیة العنایة بالقلب من خلال عدم تناول الشحوم والدسم والتأکید على الأغذیة الخفیفة مثل الفواکه والخضار. من عجائب هذه المضغة القلبیة أنها تربط شبکة من الأوعیة، إذا وصلت مع بعضها لبلغ طولها (150) کیلو متراً! وتأمل قبضة الإعجاز الإلهی: عضلة لا یتجاوز حجمها قبضة الید ووزنها الثلث کیلو غرام تقوم بضخّ الدم والوقود والغذاء إلى جمیع أجهزة الجسم عبر شبکة من الأوعیة الدمویة یتجاوز طولها 150 کیلو متراً، وطیلة حیاة الإنسان، فتبارک القائل: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِی أَتْقَنَ کُلَّ شَیْءٍ إِنَّهُ خَبِیرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (4). إذا تأملنا أقوال العلماء نجدهم یؤکدون على أهمیة تأثیر الصوت المرغوب فیه من قبل المریض . وأود أن أخبرکم أن تأثیر القرآن على الإنسان أکبر بکثیر من تأثیر الموسیقى، فإذا کان علماء الغرب الیوم یتحدثون عن تأثیر للموسیقى على الأمراض، فإنهم لو جرَّبوا القرآن لکانت النتائج مبهرة! والنتیجة وهی أن الله تعالى قد فطر کل خلیة من خلایا دماغنا على صوت القرآن فإذا ما استمعنا إلى القرآن شعرنا بالحنین وکأن أحدنا طفلاً یحن إلى صوت أمه! حتى إننی وصلتُ إلى نتیجة ثانیة وهی أن دماغ الإنسان یحوی خلایا خاصة لتخزین المعلومات القرآنیة! وربما یعجب أحدکم من هذا الکلام ویقول أین المستند العلمی لذلک؟ وأقول: للأسف لقد قصَّرنا کثیراً بحق القرآن ونحن ندعی أننا نحب القرآن! ألیس غریباً أن الغرب ینتج کل یوم أکثر من ألف بحث علمی، ونحن طیلة سنوات لم ننتج بحثاً قرآنیاً واحداً نتباهى به أمام الغرب؟! على کل حال سوف أحدثکم عن أحد المؤمنین الذی تعلق بالقرآن وکان یحافظ على تلاوته وحفظه والتلذذ بسماعه. أُصیب هذا المؤمن بعدة جلطات دماغیة متتالیة ففقد الذاکرة ولم یعد یذکر اسم ابنه! ولم یعد یتذکر أی شیء، ولکن الغریب أن ابنه کان یقرأ القرآن أمامه وأخطأ فصحح له الوالد قراءته! إنه نسی کل شیء إلا القرآن! لماذا؟ إنه وهو على فراش الموت وقد عجزت المسکنات والدواء عن تخفیف الألم، ولکنه کان یطلب أن یستمع إلى القرآن فتجده یهدأ ویفرح بکلام الله وکان یشیر إلى أهله أن یقرأوا له أکبر عدد من الآیات وکأنه یرید أن یتزود بها للقاء الله تعالى. ألا تثبت هذه الظاهرة أن هناک خلایا مسؤولة عن تخزین آیات القرآن فی الدماغ؟ صورة حقیقیة لخلیة عصبیة من خلایا القلب، یؤکد بعض الباحثین من معهد ریاضیات القلب أن لهذه الخلایا التی یبلغ عددها أبعین ألفاً تأثیراً قویاً على خلایا الدماغ، وأن للقلب دوراً مهماً فی الإدراک والذاکرة وتخزین المعلومات والقلب یتأثر بالترددات الصوتیة. لذلک نصیحتی لکل أخ وأخت: استمعوا إلى هذا القرآن قدر المستطاع، فکلما سمعت أکثر تأثر قلبک ودماغک أکثر حتى تصل إلى درجة لا تعانی معها من أی مرض، بل إن المرض یکون بمثابة تطهیر لک من الذنوب ویساعدک على الاستماع أکثر إلى القرآن. إن القرآن له أثر عظیم فی الشفاء لأنه لیس مجرد نغمات موسیقیة بل هو کلام له معانی ودلالات ولحروفه قوة تأثیر على الدماغ والقلب، ولذلک إذا کانت الموسیقى تؤثر على المرض فإن تأثیر القرآن هو أضعاف کثیرة، ببساطة لأن خالق المرض هو منزل القرآن وهو أعلم بأنفسنا منا. وسؤالی: ألیس الأجدر بنا ونحن أصحاب أعظم کتاب على وجه الأرض أن نستفید من هذا الکتاب العظیم فنستمع إلیه کل یوم ولو لمدة ساعة؟ لنتأمل هذه الآیة العظیمة والتی تتحدث عن تأثیر القرآن على أولئک الذین یخافون الله ویمکنک أن تطبق هذه الآیة على نفسک لتختبر درجة خشیتک لله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِیثِ کِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِیَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِینَ یَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِینُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِکْرِ اللَّهِ ذَلِکَ هُدَى اللَّهِ یَهْدِی بِهِ مَنْ یَشَاءُ وَمَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (5). المصادر : 1- الإسراء: 82 2- الرعد: 28 3- بحار الانوار /ج58 ص23 4- النمل: 88 5- الزمر: 23 http://ar.rasekhoon.net/