الانحرافات الكبرى

الانحرافات الكبرى

الانحرافات الكبرى

المؤلف :

سعيد أيوب

(0 الأصوات)

QRCode

(0 الأصوات)

الانحرافات الكبرى

المقدمة الحمد لله رب العالمين. وصلوات الله وسلامه على محمد النبي الأكرم المبعوث بالشريعة الخاتمة وعلى آله وأصحابه ومن تبع هداهم إلى يوم الدين. وبعد: لقد حث كتاب الله تعالى على التدبر في الكون والنظر في تاريخ الأمم السابقة وفحص حركة هذه الأمم والعوامل التي أدت إلى نهاية أجلها. قال تعالى: (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)فالأجل في هذه الآية الكريمة. أضيف إلى الأمة إلى الوجود المجموعي للناس. فكما أن هناك أجل محدد ومحتوم لكل فرد. فكذلك هناك أجل آخر وميقات آخر للوجود الاجتماعي لهؤلاء الأفراد. للأمة بوصفها مجتمعا ينشئ ما بين أفراده العلاقات والصلات القائمة على أساس مجموعة من الأفكار والمبادئ. فهذا المجتمع الذي يعبر عنه القرآن الكريم بالأمة. له أجل. له موت. له حياة. له حركة. وكما أن الفرد يتحرك فيكون حيا ثم يموت. كذلك الأمة تكون حية ثم تموت. وكما أن موت الفرد يخضع لأجل ولقانون ولناموس. كذلك الأمم أيضا لها آجالها المضبوطة من أجل هذا نبه كتاب الله الحاضر لكي ينظر إلى أطلال الجهد البشري في الماضي. ليتجه نحو المستقبل وهو على علم بالإنحراف وما يترتب عليه. ويعلم أن نصر الله لقريب ولكن نصر الله له طريق. وما عليه إلا أن يهتد إلى هذا الطريق. وبقدر ما يكون المثل الأعلى للجماعة البشرية صالحا وعاليا وممتدا تكون الغايات صالحة وممتدة. وعلى امتداد الصلاح يكون نصر الله، وبقدر ما يكون هذا المثل الأعلى محدودا أو منخفضا تكون الغايات المنبثقة عنه محدودة ومنخفضة أيضا ولا يترتب على هذا إلا فتن وعذاب وهلاك. وعلى امتداد هذا الكتاب قمنا بتسليط الضوء على الفقه الشيطاني الذي أنجب جميع المثل العليا المنخفضة التي واجهت أنبياء الله ورسله على امتداد التاريخ الإنساني. وكيف واجه الأنبياء هذا الصد عن سبيل الله وهذا الانحراف. ومادة هذا البحث طرحت بين يدي القرآن الكريم. وأجوبتها جاءت من القرآن الكريم. فالقرآن هو الطريق الوحيد للحصول على الخطوط الأساسية التي عليها جرت حركة هذه الأمم. ولقد اعتمدنا على العديد من التفاسير لكشف أعماق هذه الخطوط الأساسية وتقديمها للقارئ ليقف بيسر على صفحة الماضي وينطلق بيسر إلى المستقبل إذا شاء ذلك. وفي البداية نقول أنه مما تبين لنا خلال هذا البحث أن حركة الشيطان لم تكن فقط في دورات المياه كما قيل لنا. وإنما كانت حركة مضبوطة منذ طرده الله ولعنه. وهذه الحركة عمودها الفقري ينطلق من رفضه السجود لآدم. فقوله: (أنا خير منه) أرسى قاعدة التحقير التي رفعها المستكبرين ضد البشرية على امتداد التاريخ الإنساني. وحركة الاستكبار على امتداد التاريخ طويت صفحتها ليس من أجل إصابتها بالشيخوخة كما يقول البعض في أسباب سقوط الدول. وإنما طويت صفحتها في دائرة العذاب. عندما رفض أصحابها السجود لله كما أراد الله. وخلال هذا البحث قمنا بطرح ما قصه القرآن عن الأمم السابقة وحتى الرسالة الخاتمة. وعند الحديث عن الرسالة الخاتمة ألقينا بعض من الضوء على أحداث ما سمي " بالفتنة الكبرى ". تلك الأحداث التي يتجنب العديد من الباحثين الخوض فيها. في حين أنهم أمروا بالنظر في الماضي حتى لا ينطلقوا إلى المستقبل وعلى عقولهم بصمات هذه الفتن وهم لا يعرفون أهي بصمات حق. أم بصمات انحراف. وعلى هذا يقعوا في الفتنة الأشد من التي اجتنبوها سأل رجل حذيفة: أي الفتن أشد؟ قال: أن يعرض عليك الخير والشر. لا تدري أيهما تركب ومن الخطأ الشائع أن تاريخ الإسلام هو نفسه تاريخ المسلمين. ولهذا ظن العديد من الباحثين أن نقد تاريخ المسلمون هو نقد لتاريخ الإسلام. ونحن نقول: أن تاريخ الإسلام في الرسالة الخاتمة هو حركة الرسول ودعوته. وهذا التاريخ امتداد طبيعي لتاريخ الدعوة منذ عهد نوح وآل إبراهيم وآل عمران عليهم السلام. تاريخ الإسلام هو نفسه تاريخ الفطرة النقية التي لم تحيد عن الصراط المستقيم. وعلى امتداد هذا التاريخ لا تجد إلا نصر الله قال تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)وتاريخ الإسلام فيه الابتلاء والصبر والنصر. قال تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله. ألا إن نصر الله قريب)... ...