التوحيد والشرك في القرآن الكريم

التوحيد والشرك في القرآن الكريم

التوحيد والشرك في القرآن الكريم

(0 الأصوات)

QRCode

(0 الأصوات)

التوحيد والشرك في القرآن الكريم

تقديم : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين . نفتتح المقال بكلمة مباركة مأثورة عن الأكابر وهي : بني الإسلام على دعامتين : كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة . أما الأولى فقد اتفق عليها المسلمون قاطبة ، وشعارهم في جميع المواقف هو لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، فإذا كان للتوحيد مراتب فالكل متفقون على أنه لا خالق ولا مدبر ولا معبود إلا إياه ، ولا يمكن تسجيل اسم واحد في سجل الإسلام إلا إذا شهد بالتوحيد بعامة مراتبه ، وأخص بالذكر منها أنه لا معبود سوى الله سبحانه ولا مستعان غيره ، ولأجل ذلك نرى أن المسلمين يقولون في كل يوم وليلة في صلواتهم : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ويذكر القرآن الكريم أن التوحيد في العبادة هو الهدف الوحيد من بعث الأنبياء قال سبحانه : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ( النحل - 36 ) وقال سبحانه : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) ( الأنبياء - 25 ) . ولا أظن أن أحدا من المسلمين يشك في هذه القاعدة الكلية . نعم ربما يقع الكلام والنقاش في الجزئيات والمصاديق الخارجية وأنه هل هي عبادة أو لا ؟ مثلا يقع البحث في أن التوسل بالرسول بذاته وشخصيته ودعائه حيا وميتا عبادة للرسول أو توسل بالسبب . والذي دعاني إلى تأليف هذا الكتاب هو إيضاح بعض الأمور الرائجة بين المسلمين من عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا ولم يكن هناك أي اختلاف فيها إلى القرن الثامن ، ولكن بدأ الخلاف والنقاش فيها منذ قرون واستفحل في عصرنا هذا ، فصار ذلك سببا لتفريق الكلمة وتبدد الأمة إلى طائفتين : فطائفة : ترى التوسل وطلب الشفاعة والتبرك تمسكا بالأسباب التي ندب إليها الشرع كتابا وسنة ، وأخرى : تنظر إليها كأنها لا تلائم التوحيد في العبادة . وقد عالج لفيف من المحققين هذه الناحية من مشاكلنا الدينية ولكن دراستهم لم تكن مركزة على البحث القرآني ، فحاولت أن أعالج الموضوع من منظار القرآن الكريم وأنظر إلى التوحيد والشرك من ذلك الجانب حتى يستبين حكم هذه الأمور التي عدت شركا مضادا للتوحيد . وأما الثانية فقد دعى إليها الإسلام وقال : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ، ولا يشك أحد في أن صيانة كيان الإسلام وإعادة مجده التالد رهن توحيد الكلمة وتقريب الخطى . وأحسب أني خدمت كلتا الكلمتين فأوضحت حال حكم هذه الموضوعات من كونها عبادة أم لا ، وبذلك دعمت الكلمة الثانية ، أعني : توحيد الكلمة . وأرجو من الله أن يكون مصباحا لمن يريد الاهتداء . أنه بذلك قدير وبالإجابة جدير . والله من وراء القصد . جعفر السبحاني 20 - محرم الحرام - 1416 ه‍