خلافة الرسول بين الشوري والنص

خلافة الرسول بين الشوري والنص

خلافة الرسول بين الشوري والنص

المؤلف :

مجلة الحوزة

الناشر :

مجلة الحوزة

(0 الأصوات)

QRCode

(0 الأصوات)

خلافة الرسول بين الشوري والنص

تمهید لا تزال مشکلۀ (أساس نظام الحکم فی الاِسلام) تُعدّ من اُمّهات المشاکل التی لم یُحسم فیها القول بین المسلمین بعد..إنّها واحدة من المشاکل الکبري التی تعرّضت دائماً لاِشکالات الرُؤي المذهبیۀ، شأنها شأن أخواتها من المشکلات التاریخیۀ والعقیدیۀ.لیس النزاع فی أصل النظام، فإنّ أحداً لا یستطیع أن یتصوّر أُمّۀ تحیا بلا نظام، ونظاماً یسود بلا قیادة..وقدیماً تحدّث الفقهاء وفلاسفۀ السیاسۀ المدنیۀ عن هذا الَاصل: فأحمد بن حنبل یُعرّف الفتنۀ بأنها حال الاُمّۀ إذا لم یکن إمام یقوم بأمر الناس. وتحدّث المسعودي عن حاجۀ الدین إلی الملک، وحاجۀ الملک إلی الدین، ورأي أنّه لا غنی لَاحدهما عن الآخر.. ورأي ابن حزم أنّ ذلک معلوم بضرورة العقل وبدیهته، وأنّ قیام الدین ممتنع غیر ممکن إلاّ بالاسناد إلی واحد یکون علی رأس هذا النظام. وعبّر ابن خلدون عن هذا النظام بأنّه قوانین سیاسیۀ مفروضۀ یسلّمها الکافۀ وینقادون إلی أحکامها، فإذا خلت الدولۀ من مثل هذه السیاسۀ لم یستتب أمرها ولم یتم استیلاؤها (سُنّۀ الله فی الذین خَلَوا من قبل) . وقبل هذا کلّه قد تعامل المسلمون مع هذا الَاصل کضرورة واقعیۀ إثر وفاة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم.أما النزاع الدائر فهو فی أساس ذلک النظام.. فی الاسلوب الذي یقود رأس النظام إلی موقع الرئاسۀ..لقد حاول البعض علی امتداد تاریخنا السیاسی الترکیز علی نظریۀ الشوري أصلًا فی النظام، مستنداً علی أمثلۀ تاریخیۀ معدودة، صاغ منها اُنموذجاً للشوري فی الاِسلام.وتناولت ذلک کتب العقائد والَاحکام السلطانیۀ ثم تقدّمت به خطوة أُخري إلی أمام لتنتزع لهذه النظریۀ أصالتها من مصادر التشریع الاِسلامی؛ القرآن والسُنّۀ.. لتکتسب نظریۀ الشوري بعد ذلک أصالۀ دینیۀ متقدمۀ علی شهودها التاریخی، بل ومبرّرة له.وکلّ ذلک یدور حول الخلافۀ الاُولی للرسول صلی الله علیه وآله وسلم.. فشکّل الاتجاهان دراسات التاریخ السیاسی، والدراسات العقیدیۀ وحدة موضوعیۀ کافحت علی امتداد هذا الزمن الطویل من أجل تدعیم تلک النظریۀ وتأصیلها..لکن هل استطاعت هذه المسیرة المتوحّ دة أن تُقدّم الکلمۀ الَاخیرة فی الموضوع، وتضع الحل الحاسم للَاسئلۀ التی تثار حوله؟هل استطاعت أن تثبت أصالۀ الشوري طریقاً إلی خلافۀ الرسول صلی الله علیه وآله وسلم؟هل استطاعت أن تثبت ما هو أوسع من ذلک؛ أصالۀ الشوري فی حل مشکلۀ النظام السیاسی فی الاِسلام؟هل استطاعت أن تنفی الاُطروحات الاُخر المزاحمۀ للشوري، من قبیل: النصّ، والغلبۀ وغیرها؟ما هو مستوي النجاح الذي حققّته فی کلِّ واحد من هذه المیادین؟وماذا عن قدرة الاطروحات الاُخري علی منازعۀ نظریۀ الشوري والحلول محلّها بدیلًا فی تعیین أساس نظام الحکم فی الاِسلام؟مواضیع عدیدة تتفرّع عن هذه الَاسئلۀ الکبیرة تبنّی هذا البحث المقتضب دراستها ومناقشتها، مناقشۀ موضوعیۀ عُمدتها البرهان العلمی والدلیل الحاسم، بعیداً عن الالتفاف علی النصوص، وتحویل القطعی إلی ظنّی، والصریح إلی مؤوّل، والخاص إلی العام، والصحیح إلی ضعیف، ونحو ذلک من أسالیب الجدل..ویقع البحث فی قسمین رئیسیین؛ یتناول القسم الاَول نظریۀ الشوري من جمیع وجوهها، فیدرس الشوري فی القرآن والسنۀ، ثم الشوري فی واقعها التاریخی وفی الفقه السیاسی، مع أهم ما یتّصل بهذه العناوین من مباحث.فیما یتناول القسم الثانی (نظریۀ النصّ) وفق المنهج نفسه، مستوفیاً ما یتعلّق بهذا الموضوع بحثاً ونقداً.لیخلص إلی النتیجۀ التی یقررّها البحث فی کلا قسمیه..والله المسدّد للصواب