الإسلام وتجدد الحياة
الإسلام وتجدد الحياة
0 Vote
96 View
الکاتب: الموضوع: المصدر: تاريخ: الشيخ مرتضى مطهري العلوم الاجتماعية> الاسرة والمجتمع مواقع>الحوزة نت 2013/2/11 » خلاصة : ليس الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يحيا حياة اجتماعية ، فكثير من الحيوانات وخاصة الحشرات تحيا حياة اجتماعية أيضاً ، وتتبع مجموعة من المقرّرات والأنظمة الحكيمة ، ويحكمها التعاون وتوزيع الأعمال ، والإنتاج والتوزيع والأمر والطاعة . نص المقال : ليس الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يحيا حياة اجتماعية ، فكثير من الحيوانات وخاصة الحشرات تحيا حياة اجتماعية أيضاً ، وتتبع مجموعة من المقرّرات والأنظمة الحكيمة ، ويحكمها التعاون وتوزيع الأعمال ، والإنتاج والتوزيع والأمر والطاعة . فللنحل وبعض أنواع النمل والأرضة (1) حضارات وأنظمة وتشكيلات لن يبلغها الإنسان إلاّ بعد سنوات بل قرون وهو أشرف المخلوقات . وحضارة هذه الحيوانات عكس حضارة الإنسان فهي لم تمر بمراحل من قبيل عصر الغابة والعصر الحجري وعصر الحديد والصلب ، وعصر الذرّة . بل إنّها منذ أن وضعت أقدامها في هذه الدنيا كانت لديها نفس هذه الحضارات والتشكيلات التي لها اليوم ولم يتغيّر حالها أبداً . أمّا الإنسان فطبقاً للآية الكريمة : (وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً) بدأت حياته من الصفر وستستمر إلى ما لانهاية . ومقتضيات العصر بالنسبة للحيوانات واحدة على الدوام لا تتغيّر . وليس لحب التجدّد وعبادة الجديد معنى لديها ، ولا يوجد عندها عالم جديد وآخر قديم والعلم يكتشف لها كل يوم اكتشافاً جديداً يغيّر أوضاعها ، والمصنوعات الخفيفة والثقيلة لا تردّ أسواقها كل يوم بأشكال أحدث وأكمل . لماذا ؟ لأنّها تحيا بالغريزة لا بالعقل . أمّا الإنسان فحياته الاجتماعية دائماً عرضة للتغيّر والتحوّل . ففي كل قرن تتغيّر حياته ، وسرّ كون الإنسان أشرف المخلوقات يكمن في أنّه ابن الطبيعة البالغ الرشيد . وقد بلغ مرحلة استغنى فيها عن قيمومة الطبيعة ورعايتها المباشرة له باسم الغريزة . إنّه يحيا بالعقل وليس بالغريزة . إنّ الطبيعة قد اعترفت ببلوغ الإنسان وتركته حرّاً ورفعت عنه وصايتها . وإنّ ما ينجزه الحيوان بالغريزة والقانون الطبيعي الذي لا يقبل التمرّد ، ينجزه الإنسان بوساطة القوى العقلية والعلمية والقوانين الوضعية والتشريعية القابلة للتمرّد ؛ وهنا يكمن سر الفساد والانحراف الذي يطرأ على مسيرة التقدّم والتكامل الإنسانية وسرّ التوقّف والانحطاط ، وسرّ السقوط والهلاك . وكما أنّ طريق التقدّم والرقي مفتوح أمام الإنسان ، كذلك فإنّ طريق الفساد والانحراف والسقوط ليس موصداً بوجهه . إنّ الإنسان قد بلغ المرحلة التي سمّاها القرآن الكريم مرحلة حمل الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال . أي إنّه قبل الحياة الحرّة ومسؤولية التكليف والقانون ، وهو لهذا السبب ليس مصوناً من الظلم والجهل ومن الخطأ وعبادة الذات . والقرآن الكريم بعد أن يبيّن الاستعداد العجيب للإنسان في تحمّل أمانة التكليف يصفه مباشرةً بصفتي : (الظلوم) و(الجهول) . إنّ هذين الاستعدادين لدى الإنسان (استعداد التكامل واستعداد الانحراف) ينفكّان عن بعضهما . فالإنسان ليس كالحيوان الذي لا يتقدّم في حياته الاجتماعية ولا يتأخّر ولا يذهب يميناً ولا شمالاً ، ففي حياة الناس تقدّم وتأخّر ، وإذا كانت في حياتهم حركة وسرعة ففيها كذلك توقّف وانحطاط ، وإذا كان فيها تقدّم وتكامل ، ففيها أيضاً فساد وانحراف ، وإذا كان هناك عد