أصل الشيعة واُصولها

أصل الشيعة واُصولها
الناشر :
(0 الأصوات)

(0 الأصوات)
أصل الشيعة واُصولها
جزء من المقدمة: ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْري * ويَسِّرْ لِي أمْري * وَاحللْ عُقْدَةً مِنْ لِساني *يَفْقَهُوا قَولِي ) من الواضح الغني عن البيان ما وصلت اليه حالة المسلمين ، ولا سيَّما في هذه القرون الأخيرة ، من الضعف والسقوط والذلَّة ، وتحكُّم الاجانب بهم وإستعبادهم ، واستملاك أراضيهم وديارهم ، وجعلهم خولاً وعبيداً ، يستعملونهم كاستعمال البهائم في مصالحهم ، وليستغلُّونهم بوضع الاغلال في أعناقهم ، إلى ما فوق ذلك من الهوان والخسران ، ممّا لا يحيط به وصف واصف ، ولا تستطيع تصويره ريشة مصوِّر ، كلُّ ذلك جلي واضح كوضوح أسباب ذلك ، وانَّ السبب الوحيد هو : تفرُّق كلمة المسلمين ، وتباغضهم وتعاديهم ، وسعي كل طائفة منهم لتكفير الآخرين ، فإذا اعتقدوا كفرهم لا محالة يسعون في هلاكهم وإبادتهم ! ! وما هو إلاّ الجهل المطبق ، والعصبية العمياء. فالجهل يمدهم ويطغيهم ، ومكائد الاجنبي المستعبِّد تشدهم وتغريهم. وقد أفاضت أقلام الاعلام والخطباء ، وطفحت الصحف والمؤلَّفات في هذا الموضوع ، حتى أوشك أنْ يكون من الاحاديث التي صار يمجها الطبع ، وينبو عنها السمع ، لان الطبع موكل بمعاداة المعادات ، وكراهة المكررات . على إنَّك تجده بأوفى بيان في الكلمة الآتية التي كنّا جعلناها كمقدمة للطبعة الثانية وعنوانها : « كيف يتحد المسلمون » أو « كلمة لا بُد منها في الاصلاح ». وإنَّما المقصود بالبيان في هذه الكلمة إنَّنا لمّا وجدنا قبل هذا أنَ المسلمين بالحال التي وصفنا ـ وليس المسلمون اليوم في رقعة هذه الكرة سوى طائفتين : السنَّة والشِّيعة ، وكلُّ المذاهب والطوائف المختلفة في الاسلام لابُدَّ وأنْ ترجع وتندمج في الاولى أو الثانية ، حيث يصح إطلاق إسم الاسلام عليها ـ ووجدت أنَّ الشِّيعة ـ وأخص علمائهم ـ يعرفون مذاهب اخوانهم السنِّيين كمعرفتهم بمذاهبهم ، حتى ألَّفوا الكتب الكثيرة بذلك : كالانتصار للسيِّد المرتضى ، والخلاف للشَّيخ الطوسي ، والتذكرة للعلامة الحلِّي ، واضعافها لغيرهم ، أمّا السنَّة فلا يعرف حتى علماؤهم ـ فضلا عن عوامهم ـ شيئاً من حقيقة الشِّيعة وواقع أمرهم ، بل لم على العكس يرون أنَّهم خارجون عن حظيرة هذا الدِّين ، وأنَّهم جمعية هدّامة ! ! وينسبون كلَّ فضيعة اليهم ، فإذا وجد الشِّيعة ذلك في كتب القوم يدفعهم الحقد والغضب ، فيقابلونهم بمثل ذلك ، أو بما هو اسوأ منه. . . وهكذا تمزَقت الوحدة ، وتفرَّقت الكلمة ، وصار ذلك قرَّة عين المستعمر ، وبلغ بهذا أقصى أمانيه. فرأيت يومئذٍ أنَّ الحاجة ماسة ، والضرورة ملحة ، والواجب يُحتم تأليف رسالة وجيزة توضِّح للمسلمين : اُصول عقائد الشِّيعة وفروعها ، ومبدأ تكوِّنها ، وغارس بذرتها ، وأسباب نموِّها وسموِّها. بصورة موجزة... ...