الفقه للمغتربين
الفقه للمغتربين
(0 الأصوات)
(0 الأصوات)
الفقه للمغتربين
تمهيد في صبيحة يوم شتوي مشمس من أيام شهر رجب عام 1416هـ ـ كانون الأول 1995م أقلعت بي الطائرة متوجهة صوب العاصمة البريطانية لندن. وحين تقلع الطائرة من شرق الأرض الى غربها... من وطن الصحو الى عاصمة الضباب، يكون دفء الشمس المتسلل عبر نافذة الطائرة والذي سأودعه هو الآخر كما ودعت وطني، دفءً ذا مغزى. استوت الطائرة في كبد السماء واستقرت في طيرانها هادئة ناعمة كما لو كانت ثابتة فوق قطب مركزي راسخ، فقررت أن أستثمر الوقت بقراءة بعض سور من القرآن الكريم في مصحف صغيركان معي، وكانت تلك عادة اعتدت عليها منذ صباي، فقد فتحت عينيّ على جدي في بيتنا الكبير في النجف الأشرف وهو يقرأ القرآن صباح كل يوم، وبعد الظهر، وعند المساء، وحين السفر، وفي أوقات أخرى، ووعيت على أبي وهو يحمل في جيبه قرآناً لا يكاد يفارقه في حلّه وترحاله. فتحت المصحف الكريم وبدأت أرتل بصوت خفيض خاشع آيات من الذكر الحكيم، لأغسل روحي ورئتي ودمي، ولأطيّب فمي من أدران المادة ومغرياتها، ولأستعين بالله عزّ وجلّ كي يحفظ ويسلم ويرعى هذه الكتلة الحديدية المعلقة بين السماء والأرض من عوادي الزمن وصروفه... ...