فاطمة الزهراء (عليها السّلام) هي الكوثر
فاطمة الزهراء (عليها السّلام) هي الكوثر
0 Vote
42 View
موقع تبيان يقول المفسرون في سبب نزول سورة الكوثر : أنّ أحد أقطاب المشركين ، وهو العاص بن وائل ، التقى يوماً برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند باب المسجد الحرام ، فتحدّث مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وذلك بمرأى من جماعة من صناديد قريش ، وهم جلوس في المسجد الحرام ، فما أن أتمَّ حديثه مع الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وفارقه ، جاء إلى أولئك الجالسين ، فقالوا له : من كنت تُحَدِّث ؟ قال : ذلك الأبتر ، وكان مقصوده من هذا الكلام أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليس له أولاد وعقب ، إذن سينقطع نسلُه ، فكان هذا سبباً لنزول سورة الكوثر وهي : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) سورة الكوثر . رَدّاً على العاص الذي زعم أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبتر . أمّا المعنى ، فهو أنّ الله سوف يُعطيك نسلاً في غاية الكثرة ، لا ينقطع إلى يوم القيامة . وقال فخر الدين الرازي في تفسيره : الكوثر أولاده ( صلى الله عليه وآله ) ، لأنّ هذه السورة إنما نزلت رَدّاً على مَن عَابَهُ ( صلى الله عليه وآله ) بعدم الأولاد . فالمعنى أنَّه سيعطيه نسلاً يبقون على مَرِّ الزمان ، فانظر كم قُتل من ذرية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، لكن العالم ممتلئٌ منهم ، بينما لم يبق من بني أمية أحد يُعبَأُ به . هذا وإنَّ للمفسرين آراءً أخرى في معنى الكوثر تصل إلى ( 26 ) رأياً ، منها : العِلْم ، النبوَّة ، القرآن ، الشفَاعة ، شَرَف الجنة ، الحوض ، إلى غيرها من الأقوال في معنى الكوثر ، لكنَّ جميع ما قيل في معنى الكوثر يندرج تحت عنوان الخير الكثير ، فلا تناقض بين الأقوال إذن . وممّا يؤيِّد ذلك ما روي عن ابن عباس أنه قد فَسَّر الكوثر بالخير الكثير ، فقال له سعيد بن جبير : إنّ أناساً يقولون هو نهر في الجنة . فقال : هو من الخير الكثير . ولعلَّ أحسن الأقوال وأكثرها انطباقاً على سبب نزول السورة هو ما قيل بأنّ المراد من الكوثر كثرة النسل والذرية . وقد ظهر ذلك في نسله ( صلى الله عليه وآله ) من ولد فاطمة ( عليها السلام ) ، إذ لا ينحصر عددهم ، بل يتَّصل بحمد الله إلى آخر الدهر مَدَدهم ، وهذا يطابق ما ورد في سبب نزول السورة . بل وهذا الرأي أرجحُ في ميزان التحليل العلمي المُحايِد ، لأنّ الآية جاءت ردّاً على تعيير النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعدم استمرار نسله ، فنزلت الآية لكي تُقرِّر في الحقيقة أمرين : الأول : أنَّ البنت هي كالابن ، من حيث اعتبارها من الذرِّية والنسل والعقب . الثاني : إن الله عَزَّ وجَلَّ سَيرزُقُ النبي ( صلى الله عليه وآله ) من هذه البنت نسلاً وذرية ، وإنّ اسمه ( صلَّى الله عليه وآله ) سيبقى حياً ومتألقاً على مرِّ العصور ، وعلى طول التاريخ . والمتأمِّل في التأريخ الإسلامي على امتداده إلى يومنا هذا ، يتيقَّن عمق الأصالة الإيمانية ، والروح المحمدية في مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) . ولذا نجد أنّ حقَّهم ( عليهم السلام ) من الحقوق الواجب على المؤمنين والمؤمنات معرفتها ، كمعرفتهم وطاعتهم وموالاتهم ، وغير ذلك من الحقوق الأخرى . ولم يوجب الله تعالى علينا أداء حقوقهم ( عليهم السلام ) إلاَّ لأنّهم أهل الحقّ ، والنجاة ، والصراط المستقيم ، وباب الله العظيم . ولقد تكرَّم الله تعالى على نبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) بفيوضات كثيرة ، وَنِعَمٍ متعدِّدة ، وهباتٍ جزيلة ، ذكرها في كتابه الكريم . ويكفيه ما أعطاه من نعمة الرضا فقال : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى )، الضحى :( 5 ) . ولكن مع ذلك لا يفوتنا أن نذكر ما تحصل عليه ( صلى الله عليه وآله ) من خير هو أساس الخير كُلّه على الأمّة الإسلامية عامة ، وعلى الأمّة الشيعية خاصة , ألا وهو الكوثر . أخيراً : وبناءً ما مرَّ نقول : إنَّ كُلّ المعاني التي جاءت لتوضيح الكوثر - وإن اختَلَفَت في ألفاظها - إلاّ أنَّ لها اتِّحاد في المعنى ، وتُصَبُّ تحت قالب واحد ، وهو كون تَمَتَّع النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالخير السخِي المُستمر . والله تعالى إضافة للبُشرى المستمرة في بقاء هذه النعمة واستمرارها ليوم القيامة ، يشير سبحانه إلى قضية الإخبار بالمستقبل أيضاً ، وهذا إخبار إعجازي يدلّ ويثبت ظهور الخير بعد زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، سواء بَعُدَ أم قَرُب . ولو رجعنا إلى سبب نزول السورة لعرفنا أنّ القوم وسموا النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالأبتر ، أي الشخص المَعْدوم العقب ، وجاءت الآية لتقول : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) الكوثر :( 1 ). إذن فالخير الكثير ، أو الكوثر هي فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، لماذا ؟ ، لأنّ نسل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) انتشر بواسطة الزهراء ( عليها السلام ) ، مع العلم أنّ امتداد الذرية الطيِّبة لم يكن فقط جسماني ، بل رساليٌ أيضاً . وبما أنّ علماء الأمّة الإسلامية هُم حُمَاة الشريعة ، والذين يدفعون عنها كُلّ الشُبُهات فما كان عِلمهم إلاَّ من نتاج هذا الكوثر . وكون المذهب الشيعي منبثق من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وهُم درٌّ مستخرج من بحر فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، ولؤلؤ أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ، والعلماء يأخذون من فيض هذا البحر العميق بلا قاع . فيمكن القول أيضاً : إنّ من مصاديق الكوثر هو ما يقدّمه العلماء الكرام من خدمات رسالية جليلة للإسلام .