الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية

الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية

الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية

رقم الطبع :

الطبعة الأولى

مكان الطباعة :

لندن

سنة النشر :

1415

عدد المجلدات :

1

(0 الأصوات)

QRCode

(0 الأصوات)

الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم أحمدك اللهم مولاي على نعمك المتوالية التي لا تحصى، وأخص نعمتك التي أنعمت علي مؤخرا والتي أضأت بها قلبي، وجنبات نفسي بنور الولاء لآل محمد، وعلمتني من فضلهم ما لم أكن أعلم، رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي، وأن أعمل صالحا ترضاه، وأصلح لي في ذريتي، واملأ القلوب بنور الولاء للآل الكرام. وأسألك يا مولاي بأسمائك الحسنى، أن تصلي وتسلم وتبارك على خاتم الأنبياء والرسل محمد، وعلى آله الكرام، سفن النجا، ونجوم الهدى، وأن تحشرني بزمرتهم، وتجعلني من مواليهم، إنك لودود رحيم. أما بعد: فإن وحدة الأمة الإسلامية، أمنية غالبة على قلب كل مسلم صادق، وهدف عام مشترك يسعى لتحقيقه الذين آمنوا في مشارق الأرض ومغاربها، وفضلا عن أن هذه الوحدة فريضة ربانية أوجب الله تعالى على المؤمنين إقامتها، فقد أصبحت وحدة الأمة الإسلامية ضرورة تقتضيها مصلحة المسلمين، وتفرضها ضرورات وجودهم للوقوف أمام زحف الطامعين في أرضهم، وخيراتهم، وردتهم عن دينهم. ثم إن وحدة الأمة الإسلامية هي الإطار الأمثل لإحساس الأفراد المسلمين بكرامتهم، وتميزهم برسالتهم العالمية. وعلى الرغم من أن الوحدة الإسلامية أمنية غالبة، وفريضة ربانية، وهدف مشترك، وضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة، إلا أن المسلمين مختلفون في وسائل تحقيقها، سلميا وبدون عنف، بالحكمة والإقناع لا بالقوة والإكراه، والأحزاب الدينية الإسلامية عرضت وجربت عشرات الخطط لإقامة الوحدة الإسلامية، ففشلت خططها، وهي لا تتوقف عن اختراع خطط جديدة. وتسهيلا لمهمة المنادين بوحدة الأمة الإسلامية وضعت هذا الكتاب (الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية) وقسمته إلى ثلاثة أبواب: الباب الأول: الأركان الشرعية لوحدة الأمة الإسلامية، ومن خلاله عرضت التقاطيع الأساسية والتفصيلية للخطة الإلهية لتوحيد الأمة الإسلامية، وقد قسمت هذا الباب إلى اثني عشر فصلا، وقسمت كل فصل إلى عشرات الفقرات المترابطة، سقت فيها مختلف الأفهام للنصوص الشرعية، وعملت من مختلف الجهات لتوضيح كل خافية، وما أن ينتهي القارئ من قراءة هذا الباب حتى يقف حقيقة على الخطة الإلهية لتوحيد الأمة الإسلامية. وفي الباب الثاني: الاختلاف بعد الوحدة والائتلاف، بينت كيف انقسمت الأمة، وبدأت الوحدة تتآكل من الداخل، ثم انهارت نهائيا وسقطت بسقوط آخر سلاطين بني عثمان، وعلل هذا الانهيار يومذاك على أنه نتيجة لتآمر دول الغرب، مع أن تآمر الأمم الكافرة على الأمة المسلمة لم يتوقف حتى في عهد النبوة، لكن السبب الجوهري لانهيار وحدة الأمة الإسلامية يكمن في التآكل الداخلي الناتج عن الصراع الصامت بين الشرعية والواقع، والتفاوت المذهل بين هذين البعدين. أما الباب الثالث: فقد تشابكت فيه الشرعية مع الوقائع التاريخية تشابكا عجيبا، وقد حاولت أن أفك الاشتباك والتداخل بين المنظومة الحقوقية الإلهية وبين أفعال الحكام، بحيث تكون المنظومة الإلهية كيانا حقوقيا مستقلا، وأفعال الحكام كيانا حقوقيا آخر مستقلا ومتميزا. والعملية في غاية العسر والتعقيد، فقد اختلطت الشرعية بالوقائع التاريخية، ووحدت المجموعتان معا، واستمرت هذه الوحدة 1200 عاما تقريبا. وحتى نوضح المنظومة الحقوقية الإلهية تمهيدا لإبراز الخطة الإلهية لتوحيد الأمة الإسلامية حتى تتميز بالكامل عن غيرها. وحتى نفهم خطة أهل بيت النبوة لتوحيد الأمة الإسلامية يتوجب الوقوف عليها من مصادرها النقية، وبالتالي تمييزها بالكامل عن غيرها. وحتى نفهم خطة قادة التاريخ السياسي الإسلامي لتوحيد الأمة الإسلامية يجب الإحاطة بالحادثات التاريخية وتمييزها عن غيرها. وبذلك نضع أيدينا على ثلاثة نماذج من الخطط لتوحيد الأمة الإسلامية. ولا بد من التنبه إلى أن شيعة قادة التاريخ السياسي الإسلامي وهم الحزب الحاكم لم يكونوا أبدا على وفاق مع شيعة أهل بيت النبوة وهم الحزب المعارض، فكل حزب من هذين الحزبين ينظر نظرة شك وحذر وريبة للحزب الآخر، فحزب قادة التاريخ وهم أهل السنة يعتقدون أنهم الأحق بحكم الأمة، وحزب شيعة أهل البيت يعتقدون أن أهل البيت هم الأحق بحكم الأمة، ويحشر كل حزب آلاف الأدلة لإثبات صواب وجهة نظره، وبالتالي فإنه لا يمكن علميا الركون لرأي أي حزب من هذين الحزبين بالآخر، والمثير حقا أن كل حزب من هذين الحزبين يزعم أنه مسلح بالخطة الإلهية، وأنه على الحق. والأصعب في البحث أنه لا بد من معرفة الماضي معرفة يقينية قدر الإمكان، لأن الحاضر مبني على الماضي، فالماضي هو أساس الحاضر. والكارثة أن الحاضر هو أساس المستقبل، فلا يمكنك أن تفك الارتباط بين هذه الأبعاد الثلاثة، لأنها خلقت متشابكة أصلا، فكل بعد هو أساس للبعد الذي يليه. وقد تبين لي أنه لا خلاف بين القوميين العرب بأن الهاشميين هم سادة العرب، ودرة تاجهم، ولا خلاف بين الإسلاميين العرب بأن الهاشميين هم بطن النبي الأعظم، وأنهم الآل الكرام الذين لا تجوز الصلاة المفروضة على العباد بغير الصلاة عليهم، وأنهم الذين احتضنوا النبي واحتضنوا دين الإسلام، وأن العرب مجتمعة قد حاصرتهم ثلاث سنين في شعب أبي طالب، وأنهم أهل المودة في القربى، وأصحاب خمس الخمس، وأن منهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ومنهم نجوم الهدى بالنص الشرعي، وسفن النجا بالنص، وأنهم خير بطون بني آدم بالنص، وهم أحد الثقلين بالنص... إلخ. والسؤال ما هو ضرر الأمة الإسلامية لو سلمت بحق أهل البيت بالإمارة، واحتفظت لنفسها بمنصب الوزارة، فأصبح الهاشميون هم الهيئة التأسيسية لوحدة الأمة الإسلامية، ونقطة تجمعها ومحور قيادتها، بوصفهم القاسم المشترك بين المسلمين؟ إذا سلمت الأحزاب الدينية والجماعات التي ترفع شعار الإسلام بهذا، فإنها تتخلى عما تسميه بمكتسباتها، خاصة وأنه ليس بينها وبين الاستيلاء على السلطة بالقوة إلا باع أو ذراع، فهل يعقل أن تسلم وتعطي تعبها لغيرها أي للهاشميين؟ فترى الأحزاب، والجماعات الدينية، تضفي هالة من القداسة على مؤسسيها، وترفع شعار (النبي جد التقي ولو كان عبدا حبشيا) وتشكك هذه الأحزاب بالبطن الهاشمي، وبأهل بيت النبوة، وتتجاهل النصوص الشرعية الآخذة بالأعناق، والتي تعطيهم حق القيادة والولاية، مما يعني أن المطلب الأساسي للأحزاب والجماعات الدينية هو الحكم، والدين ليس أكثر من حبل يتمرجحون عليه للوصول إلى غايتهم وهو الاستيلاء على السلطة بالقوة. نحن نؤمن بالسلم، ونكره العنف، ونحترم العقل البشري الذي جعله الله حجة على خلقه، ونحترم حرية الإنسان وكرامته، ولا يضيق صدرنا بالرأي المعارض، لأن غايتنا هي إدراك الحقائق الشرعية المجردة، فقد يخطئ عمر وتصيب امرأة، ولكن لا بد من مرجعية شخصية شرعية تستمع لكل الآراء وتزنها بموازين الشرع الحكيم فتؤيد من يصيب وترد من يخطئ إلى جادة الصواب. إلهي وسيدي ومولاي تجاوز عني إن أخطأت، واغفر زلتي إن زللت، إنك أنت الغفار، وأنت تعلم ما في نفسي، ولا أعلم ما في نفسك، إنك أنت علام الغيوب، فإن أخطأت فإن الخطأ مني، وإن أصبت فأنت ولي النعم. إلهي اجعل عملي هذا خالصا لوجهك لا اشتهاء فيه ولا ادعاء، وهدية خالصة لمحمد ولآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وصدقة تطفئ بها خطاياي وذنوبي، مولاي إنك أنت الودود الرحيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي وآله. المحامي أحمد حسين يعقوب